responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2263
وَهُمْ رُقُودٌ. وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ. وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ. لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً، وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً» .
وهو مشهد تصويري عجيب، ينقل بالكلمات هيئة الفتية في الكهف، كما يلتقطها شريط متحرك. والشمس تطلع على الكهف فتميل عنه كأنها متعمدة. ولفظ «تَتَزاوَرُ» تصور مدلولها وتلقي ظل الإرادة في عملها.
والشمس تغرب فتجاوزهم إلى الشمال وهم في فجوة منه..
وقبل أن يكمل نقل المشهد العجيب يعلق على وضعهم ذاك بأحد التعليقات القرآنية التي تتخلل سياق القصص لتوجيه القلوب في اللحظة المناسبة [1] :
«ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ» .. وضعهم هكذا في الكهف والشمس لا تنالهم بأشعتها وتقرب منهم بضوئها. وهم في مكانهم لا يموتون ولا يتحركون.
«مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ. وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً» .. وللهدى والضلال ناموس. فمن اهتدى بآيات الله فقد هداه الله وفق ناموسه وهو المهتدي حقا. ومن لم يأخذ بأسباب الهدى ضل، وجاء ضلاله وفق الناموس الإلهي فقد أضله الله إذن، ولن تجد له من بعد هاديا.
ثم يمضي السياق يكمل المشهد العجيب. وهم يقلبون من جنب إلى جنب في نومتهم الطويلة. فيحسبهم الرائي أيقاظا وهم رقود. وكلبهم- على عادة الكلاب- باسط ذراعيه بالفناء قريبا من باب الكهف كأنه يحرسهم. وهم في هيئتهم هذه يثيرون الرعب في قلب من يطلع عليهم. إذ يراهم نياما كالأيقاظ، يتقلبون ولا يستيقظون. وذلك من تدبير الله كي لا يعبث بهم عابث، حتى يحين الوقت المعلوم.
وفجأة تدب فيهم الحياة. فلنظر ولنسمع:
«وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ. قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ: كَمْ لَبِثْتُمْ؟ قالُوا: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. قالُوا: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ، فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً. إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ، وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً» ..
إن السياق يحتفظ بالمفاجأة في عرض القصة، فيعرض هذا المشهد، والفتية يستيقظون وهم لا يعرفون كم لبثوا منذ أن أدركهم النعاس.. إنهم يفركون أعينهم، ويلتفت أحدهم إلى الآخرين فيسأل: كم لبثتم؟
كما يسأل من يستيقظ من نوم طويل. ولا بد أنه كان يحس بآثار نوم طويل. «قالُوا: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ» ! ثم رأوا أن يتركوا هذه المسألة التي لا طائل وراء البحث فيها، ويدعوا أمرها لله- شأن المؤمن في كل ما يعرض له مما يجهله- وأن يأخذوا في شأن عملي. فهم جائعون. ولديهم نقود فضية خرجوا بها من المدينة:
«قالُوا: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ، فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً، فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ» .. أي فليختر أطيب طعام في المدينة فليأتكم بشيء منه.

[1] فصل القصة في القرآن. في كتاب «التصوير الفني في القرآن» . «دار الشروق» .
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست