responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2196
«إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ. وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ» ..
فالكذب جريمة فاحشة لا يقدم عليها مؤمن. وقد نفى الرسول- صلى الله عليه وسلم- في حديث له صدورها عن المسلم، وإن كان يصدر عنه غيرها من الذنوب.
ثم ينتقل السياق إلى بيان أحكام من يكفر بعد الإيمان:
«مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ- إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ- وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ. أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ، وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ. لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ» ..
ولقد لقي المسلمون الأوائل في مكة من الأذى ما لا يطيقه إلا من نوى الشهادة، وآثر الحياة الأخرى، ورضي بعذاب الدنيا عن العودة إلى ملة الكفر والضلال.
والنص هنا يغلظ جريمة من كفر بالله من بعد إيمانه. لأنه عرف الإيمان وذاقه، ثم ارتد عنه إيثاراً للحياة الدنيا على الآخرة. فرماهم بغضب من الله، وبالعذاب العظيم، والحرمان من الهداية ووصمهم بالغفلة وانطماس القلوب والسمع والأبصار وحكم عليهم بأنهم في الآخرة هم الخاسرون.. ذلك أن العقيدة لا يجوز أن تكون موضع مساومة، وحساب للربح والخسارة. ومتى آمن القلب بالله فلا يجوز أن يدخل عليه مؤثر من مؤثرات هذه الأرض فللأرض حساب، وللعقيدة حساب ولا يتداخلان. وليست العقيدة هزلا، وليست صفقة قابلة للأخذ والرد فهي أعلى من هذا وأعز. ومن ثم كل هذا التغليظ في العقوبة، والتفظيع للجريمة.
واستثنى من ذلك الحكم الدامغ من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان. أي من أظهر الكفر بلسانه نجاة لروحه من الهلاك، وقلبه ثابت على الإيمان مرتكن إليه مطمئن به. وقد روي أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر.
روى ابن جرير- بإسناده- عن أبي عبيدة محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا. فشكا ذلك إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- «كيف تجد قلبك؟» قال: مطمئنا بالإيمان. قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «إن عادوا فعد» .. فكانت رخصة في مثل هذه الحال.
وقد أبى بعض المسلمين أن يظهروا الكفر بلسانهم مؤثرين الموت على لفظة باللسان. كذلك صنعت سمية أم ياسر، وهي تطعن بالحربة في موضع العفة حتى تموت وكذلك صنع أبوه ياسر.
وقد كان بلال- رضوان الله عليه- يفعل المشركون به الأفاعيل حتى ليضعون الصخرة العظيمة على صدره في شدة الحر، ويأمرونه بالشرك بالله، فيأبى عليهم وهو يقول: أحد. أحد. ويقول: والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها.
وكذلك. حبيب بن زيد الأنصاري لما قال له مسيلمة الكذاب: أتشهد أن محمدا رسول الله. فيقول:
نعم. فيقول: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول: لا أسمع! فلم يزل يقطعه إربا إربا، وهو ثابت على ذلك.
وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن حذيفة السهمي- أحد الصحابة رضوان الله عليهم- أنه

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست