responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2194
ثم يأخذ السياق في شيء عن خاصة الكتاب. عن آداب قراءته. وعن تقولات المشركين عليه:
«فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ. إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ» .
والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم تمهيد للجو الذي يتلى فيه كتاب الله، وتطهير له من الوسوسة واتجاه بالمشاعر إلى الله خالصة لا يشغلها شاغل من عالم الرجس والشر الذي يمثله الشيطان.
فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.. «إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» فالذين يتوجهون إلى الله وحده، ويخلصون قلوبهم لله، لا يملك الشيطان أن يسيطر عليهم، مهما وسوس لهم فإن صلتهم بالله تعصمهم أن ينساقوا معه، وينقادا إليه. وقد يخطئون، لكنهم لا يستسلمون، فيطردون الشيطان عنهم ويثوبون إلى ربهم من قريب.. «إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ» أولئك الذين يجعلونه وليهم ويستسلمون له بشهواتهم ونزواتهم، ومنهم من يشرك به. فقد عرفت عبادة الشيطان وعبادة إله الشر عند بعض الأقوام. على أن أتباعهم للشيطان نوع من الشرك بالولاء والاتباع.
وعند ذكر المشركين يذكر تقولاتهم عن القرآن الكريم:
«وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا: إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ. بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ. قُلْ: نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ، لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ. وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ. لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ، وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ. إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ، وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ» ..
إن المشركين لا يدركون وظيفة هذا الكتاب. لا يدركون أنه جاء لإنشاء مجتمع عالمي إنساني، وبناء أمة تقود هذا المجتمع العالمي. وأنه الرسالة الأخيرة التي ليست بعدها من السماء رسالة، وأن الله الذي خلق البشر عليم بما يصلح لهم من المبادئ والشرائع. فإذا بدل آية انتهى أجلها واستنفدت أغراضها، ليأتي بآية أخرى أصلح للحالة الجديدة التي صارت إليها الأمة، وأصلح للبقاء بعد ذلك الدهر الطويل الذي لا يعلمه إلا هو، فالشأن له، ومثل آيات هذا الكتاب كمثل الدواء تعطى للمريض منه جرعات حتى يشفى، ثم ينصح بأطعمة أخرى تصلح للبنية العادية في الظروف العادية.
إن المشركين لا يدركون شيئاً من هذا كله، ومن ثم لم يدركوا حكمة تبديل آية مكان آية في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم- فحسبوها افتراء منه وهو الصادق الأمين الذي لم يعهدوا عليه كذباً قط. «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ» ..
«قُلْ: نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ» .. فما يمكن أن يكون افتراء. وقد نزله «رُوحُ الْقُدُسِ» - جبريل عليه السلام- «مِنْ رَبِّكَ» لا من عندك «بِالْحَقِّ» لا يتلبس به الباطل «لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا» الموصولة قلوبهم بالله، فهي تدرك أنه من عند الله، فتثبت على الحق وتطمئن إلى الصدق «وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ» بما يهديهم إلى الطريق المستقيم، وبما يبشرهم بالنصر والتمكين.
«وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ. لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ. وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ» ..
والفرية الأخرى بزعمهم أن الذي يعلم الرسول- صلى الله عليه وسلم- هذا القرآن إنما هو بشر. سموه باسمه، واختلفت الروايات في تعيينه.. قيل: كانوا يشيرون إلى رجل أعجمي كان بين أظهرهم غلام لبعض

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست