نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2143
وهي الخاصية التي تجعل من هذا الإنسان إنسانا، يتفرد بخصائصه عن كل الأحياء الأخرى. وهي قطعاً ليست مجرد الحياة. فهو يشترك في «الحياة» مع سائر الأحياء. ولكنها خاصية الروح الزائد عن مجرد الحياة.
هذه الخاصية- كما يلهم النص القرآني- لم تجئ للإنسان بعد مراحل أو أطوار من نشأته- كما تزعم الدارونية- ولكنها جاءت مصاحبة لخلقه ونشأته. فلم يجئ على هذا الكائن الإنساني زمان كان فيه مجرد حيّ من الأحياء- بلا روح إنساني خاص- ثم دخلته هذه الروح، فصاربها هو هذا الإنسان! ولقد اضطرت الدارونية الحديثة- على يد جوليان هاكسلي- أن تعترف بشطر من هذه الحقيقة الكبيرة وهي تقرر «تفرد الإنسان» من الناحية الحيوية والوظيفية. ومن ثم تفرده من الناحية العقلية، وما نشأ عن ذلك كله من تفرده من الناحية الحضارية..
ولكنها ظلت تزعم أن هذا الإنسان المتفرد متطور عن حيوان! والتوفيق عسير بين ما انتهت إليه الداروينية الحديثة من تفرد الإنسان، وبين القاعدة التي تقوم عليها الداروينية- قاعدة التطور المطلق وتطور الإنسان عن الحيوان- ولكن الداروينيين ومن والاهم لا يزالون مصرين على ذلك الاندفاع- غير العلمي- الذي صبغوه بصبغة العلم، في دفعة الانسلاخ من كل مقررات الكنيسة! والذي شجع اليهود على نشره وتمكينه وتثبيته، وإضفاء الصبغة «العلمية» عليه لغرض في نفوسهم ولغاية في مخططاتهم [1] ! ولقد سبق أن تحدثنا عن هذه القضية، ونحن نواجه النصوص القرآنية المشابهة في سورة الأعراف في هذه الظلال [2] فنقتطف هذه الفقرات مما سبق تقريره هناك:
«وعلى أية حال، فإن مجموع النصوص القرآنية في خلق آدم عليه السلام، وفي نشأة الجنس البشري، ترجح أن إعطاء هذا الكائن خصائصه الإنسانية ووظائفه المستقلة، كان مصاحبا لخلقه. وأن الترقي «الإنساني» كان ترقياً في بروز هذه الخصائص، ونموها، وتدريبها، واكتسابها الخبرة العالية. ولم يكن ترقياً في «وجود» الإنسان.. من تطور الأنواع حتى انتهت إلى الإنسان.. كما تقول الداروينية.
«ووجود أنواع مترقية من الحيوان تتبع ترتيباً زمنياً- بدلالة الحفريات التي تعتمد عليها نظرية النشوء والارتقاء- هو مجرد نظرية «ظنية» وليست «يقينية» لأن تقدير أعمار الصخور ذاته في طبقات الأرض ليس إلا ظنا! مجرد فرض كتقدير أعمار النجوم من إشعاعها. وليس ما يمنع من ظهور فروض أخرى تعدلها أو تغيرها! «على أنه- على فرض العلم اليقيني بأعمار الصخور- ليس هناك ما يمنع من وجود «أنواع» من الحيوان، في أزمان متوالية، بعضها أرقى من بعض، بفعل الظروف السائدة في الأرض ومدى ما تسمح به من وجود أنواع تلائم هذه الظروف السائدة في حياتها. ثم انقراض بعضها حين تتغير الظروف السائدة بحيث لا تسمح لها بالحياة (وظهور أنواع أخرى أكثر ملاءمة للظروف السائدة) [3] .. ولكن هذا لا «يحتم» أن يكون بعضها «متطورا» من بعض.. وحفريات دارون وما بعدها لا تستطيع أن تثبت أكثر من هذا، لا تستطيع أن تثبت [1] يراجع فصل: «اليهود الثلاثة» في كتاب: «التطور والثبات في الحياة البشرية» لمؤلفه: محمد قطب. «دار الشروق» . [2] ص 1264- 1265 من الجزء الثامن. [3] إضافات لم تجئ موضحة في المقتطفات. [.....]
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2143