responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 1978
الحلقة الثانية من حلقات القصة، وقد وصل يوسف إلى مصر، وبيع بيع الرقيق ولكن الذي اشتراه توسم فيه الخير- والخير يتوسم في الوجوه الصباح، وبخاصة حين تصاحبها السجايا الملاح- فإذا هو يوصي به امرأته خيراً، وهنا يبدأ أول خيط في تحقيق الرؤيا.
ولكن محنة أخرى من نوع آخر كانت تنتظر يوسف حين يبلغ أشده، وقد أوتي حكماً وعلماً يستقبل بهما هذه المحنة الجارفة التي لا يقف لها إلا من رحم الله. إنها محنة التعرض للغواية في جو القصور، وفي جو ما يسمونه «الطبقة الراقية» وما يغشاها من استهتار وفجور.. ويخرج يوسف منها سليماً معافى في خلقه وفي دينه، ولكن بعد أن يخالط المحنة ويصلاها..
«وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ: أَكْرِمِي مَثْواهُ، عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً. وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ، وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ، وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ..
إن السياق لا يكشف لنا حتى الآن عمن اشتراه، وسنعلم بعد شوط في القصة أنه عزيز مصر (قيل: إنه كبير وزرائها) ولكنا نعلم منذ اللحظة أن يوسف قد وصل إلى مكان آمن، وأن المحنة قد انتهت بسلام، وأنه مقبل بعد هذا على خير:
«أَكْرِمِي مَثْواهُ» ..
والمثوى مكان الثويّ والمبيت والإقامة، والمقصود بإكرام مثواه إكرامه، ولكن التعبير أعمق، لأنه يجعل الإكرام لا لشخصه فحسب، ولكن لمكان إقامته.. وهي مبالغة في الإكرام. في مقابل مثواه في الجب وما حوله من مخاوف وآلام! ويكشف الرجل لامرأته عما يتوسمه في الغلام من خير، وما يتطلع إليه فيه من أمل:
«عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً» ..
ولعلهما لم يكن لهما أولاد كما تذكر بعض الروايات. ومن ثم تطلع الرجل أن يتخذاه ولداً إذا صدقت فراسته، وتحققت مخايل نجابته وطيبته مع وسامته.
وهنا يقف السياق لينبه إلى أن هذا التدبير من الله، وبه وبمثله قدر ليوسف التمكين في الأرض- وها قد بدأت بشائره بتمكين يوسف في قلب الرجل وبيته- ويشير إلى أنه ماض في الطريق ليعلمه الله من تأويل الأحاديث- على الوجهين اللذين ذكرناهما من قبل- ويعقب السياق على هذا الابتداء في تمكين يوسف بما يدل عليه من أن قدرة الله غالبه، لا تقف في طريقها قوة، وأنه مالك أمره ومسيطر عليه فلا يخيب ولا يتوقف ولا يضل:
«وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ، وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ. وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 1978
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست