نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 1941
إن الدينونة لغير الله في الاعتقاد والتصور معناها الوقوع في براثن الأوهام والأساطير والخرافات التي لا تنتهي والتي تمثل الجاهليات الوثنية المختلفة صوراً منها وتمثل أوهام العوام المختلفة صوراً منها وتقدم فيها النذور والأضاحي من الأموال- وأحيانا من الأولاد! - تحت وطأة العقيدة الفاسدة والتصور المنحرف ويعيش الناس معها في رعب من الأرباب الوهمية المختلفة، ومن السدنة والكهنة المتصلين بهذه الأرباب! ومن السحرة المتصلين بالجن والعفاريت! ومن المشايخ والقديسين أصحاب الأسرار! ومن.. ومن.. من الأوهام التي ما يزال الناس منها في رعب وفي خوف وفي تقرب وفي رجاء، حتى تتقطع أعناقهم وتتوزع جهودهم، وتتبدد طاقاتهم في مثل هذا الهراء! وقد مثلنا لتكاليف الدينونة لغير الله في الأعراف والتقاليد بأرباب الأزياء والمودات! فينبغي أن نعلم كم من الأموال والجهود تضيع- إلى جانب الأعراض والأخلاق- في سبيل هذه الأرباب! إن البيت ذا الدخل المتوسط ينفق على الدهون والعطور والأصباغ وعلى تصفيف الشعر وكيه وعلى الأقمشة التي تصنع منها الأزياء المتقلبة عاماً بعد عام، وما يتبعها من الأحذية المناسبة والحلي المتناسقة مع الزي والشعر والحذاء! ... إلى آخر ما تقضي به تلك الأرباب النكدة.. إن البيت ذا الدخل المتوسط ينفق نصف دخله ونصف جهده لملاحقة أهواء تلك الأرباب المتقلبة التي لا تثبت على حال. ومن ورائها اليهود أصحاب رؤوس الأموال الموظفة في الصناعات الخاصة بدنيا تلك الأرباب! ولا يملك الرجل ولا المرأة وهما في هذا الكد الناصب أن يتوقفا لحظة عن تلبية ما تقتضيه تلك الدينونة النكدة من تضيحات في الجهد والمال والعرض والخلق على السواء! وأخيراً تجيء تكاليف العبودية لحاكمية التشريع البشرية.. وما من أضحية يقدمها عابد الله لله، إلا ويقدم الذين يدينون لغير الله أضعافها للأرباب الحاكمة! من الأموال والأنفس والأعراض..
وتقام أصنام من «الوطن» ومن «القوم» ومن «الجنس» ومن «الطبقة» ومن «الإنتاج» ... ومن غيرها من شتى الأصنام والأرباب..
وتدق عليها الطبول وتنصب لها الرايات ويدعى عباد الأصنام إلى بذل النفوس والأموال لها بغير تردد. وإلا فالتردد هو الخيانة، وهو العار.. وحتى حين يتعارض العِرض. مع متطلبات هذه الأصنام، فإن العرض هو الذي يضحى ويكون هذا هو الشرف الذي يراق على جوانبه الدم! كما تقول الأبواق المنصوبة حول الأصنام، ومن ورائها أولئك الأرباب من الحكام! إن كل التضحيات التي يقتضيها الجهاد في سبيل الله ليعبد الله وحده في الأرض وليتحرر البشر من عبادة الطواغيت والأصنام، ولترتفع الحياة الإنسانية إلى الأفق الكريم الذي أراده الله للإنسان.. إن كل هذه التضحيات التي يقتضيها الجهاد في سبيل الله ليبذل مثلها وأكثر من يدينون لغير الله! والذين يخشون العذاب والألم والاستشهاد وخسارة الأنفس والأولاد والأموال إذا هم جاهدوا في سبيل الله، عليهم أن يتأملوا ماذا تكلفهم الدينونة لغير الله في الأنفس والأموال والأولاد، وفوقها الأخلاق والأعراض.. إن تكاليف الجهاد في سبيل الله في وجه طواغيت الأرض كلها لن تكلفهم ما تكلفهم الدينونة لغير الله وفوق ذلك كله الذل والدنس والعار! وأخيراً فإن توحيد العبادة والدينونة لله وحده، ورفض العبادة والدينونة لغيره من خلقه ذو قيمة
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 1941