responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 1934
«وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ، وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ. وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ: اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ، وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ. وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» ..
ويا لله للرسول- صلى الله عليه وسلم- لقد كان يجد من قومه، ومن انحرافات النفوس، ومن أعباء الدعوة، ما يحتاج معه إلى التسلية والتسرية والتثبيت من ربه- وهو الصابر الثابت المطمئن إلى ربه-:
«وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ» ..
«وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ» ..
أي في هذه السورة.. الحق من أمر الدعوة، ومن قصص الرسل، ومن سنن الله، ومن تصديق البشرى والوعيد.
«وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ» ..
تعظهم بما سلف في القرون وتذكرهم بسنن الله وأوامره ونواهيه.
فأما الذين لا يؤمنون بعد ذلك فلا موعظة لهم ولا ذكرى. وإنما الكلمة الفاصلة، والمفاصلة الحاسمة:
«وقل للذين لا يؤمنون: اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون» ..
كما قال أخ لك ممن سبق قصصهم في هذه السورة لقومه ثم تركهم لمصيرهم يلاقونه.. وما ينتظرونه غيب من غيب الله:
«وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» ..
والأمر كله إليه. أمرك وأمر المؤمنين، وأمر الذين لا يؤمنون، وأمر هذا الخلق كله ما كان في غيبه وما سيكون.
«فَاعْبُدْهُ» ..
فهو الجدير وحده بالعبادة والدينونة.
«وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ» ..
فهو الولي وحده والنصير. وهو العليم بما تعملون من خير وشر، ولن يضيع جزاء أحد:
«وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» ..
وهكذا تختم السورة التي بدئت بالتوحيد في العبادة، والتوبة والإنابة والرجعة إلى الله في النهاية. بمثل ما بدئت به من عبادة الله وحده والتوجه إليه وحده. والرجعة إليه في نهاية المطاف. وذلك بعد طول التطواف في آفاق الكون وأغوار النفس وأطواء القرون..
وهكذا يلتقي جمال التنسيق الفني في البدء والختام، والتناسق بين القصص والسياق، بكمال النظرة والفكرة والاتجاه في هذا القرآن. ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً..
وبعد. فإن المتتبع لسياق هذه السورة كلها- بل المتتبع للقرآن المكي كله- يجد أن هنالك خطاً أصيلاً ثابتاً عريضاً عميقاً، هو الذي ترتكز عليه وهو المحور الذي تدور حوله وإليه ترجع سائر خطوطها، وإليه

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 1934
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست