responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 1874
السطحية التي يقيسون بها. وفي الوقت ذاته يقرر لهم المبدأ العظيم القويم. مبدأ الإختيار في العقيدة، والإقتناع بالنظر والتدبر، لا بالقهر والسلطان والاستعلاء! «وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً، إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ، وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا، إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ، وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ» .
يا قوم إن الذين تدعونهم أراذل قد دعوتهم فآمنوا، وليس لي عند الناس إلا أن يؤمنوا. إنني لا أطلب مالاً على الدعوة، حتى أكون حفياً بالأثرياء غير حفي بالفقراء فالناس كلهم عندي سواء.. ومن يستغن عن مال الناس يتساو عنده الفقراء والأغنياء..
«إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ» ..
عليه وحده دون سواه.
«وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا» ..
ونفهم من هذا الرد أنهم طلبوا أو لوحوا له بطردهم من حوله، حتى يفكروا هم في الإيمان به، لأنهم يستنكفون أن يلتقوا عنده بالأراذل، أو أن يكونوا وإياهم على طريق واحد! - لست بطاردهم، فهذا لا يكون مني. لقد آمنوا وأمرهم بعد ذلك إلى الله لا لي:
«إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ» .. «وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ» ..
تجهلون القيم الحقيقية التي يقدر بها الناس في ميزان الله. وتجهلون أن مرد الناس كلهم إلى الله.
«وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ. أَفَلا تَذَكَّرُونَ؟» ..
فهناك الله. رب الفقراء والأغنياء. رب الضعفاء والأقوياء. هناك الله يقوِّم الناس بقيم أخرى. ويزنهم بميزان واحد. هو الإيمان. فهؤلاء المؤمنون في حماية الله ورعايته.
«وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ؟» ..
من يعصمني من الله إن أنا أخللت بموازينه، وبغيت على المؤمنين من عباده- وهم أكرم عليه- وأقررت القيم الأرضية الزائفة التي أرسلني الله لأعدّ لها لا لأتبعها؟
«أَفَلا تَذَكَّرُونَ؟» ..
وقد أنساكم ما أنتم فيه ميزان الفطرة السليمة القويمة؟
ثم يقدم لهم شخصه ورسالته مجردين عن كل زخرف وكل طلاء وكل قيمة من تلك القيم العرضية الزائفة.
يقدمها لهم في معرض التذكير، ليقرر لهم القيم الحقيقية، ويزدري أمامهم القيم الظاهرية، بتخليه عنها، وتجرده منها. فمن شاء الرسالة كما هي، بقيمها، بدون زخرف، بدون ادعاء، فليتقدم إليها مجردة خالصة لله:
«وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ..»
فأدعي الثراء أو القدرة على الإثراء ...
«وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ» ..
فأدعي قدرة ليست للبشر أو صلة بالله غير صلة الرسالة..
«وَلا أَقُولُ: إِنِّي مَلَكٌ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 1874
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست