نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1515
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يتألف هذا الجزء من بقية سورة الأنفال- التي وردت أوائلها في الجزء التاسع- ومن قسم كبير من سورة التوبة.. وسنمضي أولا مع بقية الأنفال، أما سورة التوبة فسنعرّف بها في موضعها من هذا الجزء إن شاء الله.
لقد ألممنا بالخطوط الرئيسية للسورة في مطلعها عند نهاية الجزء التاسع [1] . وهذه البقية منها تمضي على هذه الخطوط الرئيسية فيها.. إلا أن الظاهرة التي تلمح بوضوح في سياق السورة، هي أن هذا الشطر الأخير منها، يكاد يكون مماثلا في سياقه وترتيب موضوعاته للشطر الأول منها، ومع انتفاء التكرار بسبب تجدد الموضوعات، إلا أن ترتيب هذه الموضوعات في السياق يكاد يجعل هذا الشطر دورة، والشطر الأول دورة، بينهما هذا التناسق العجيب! لقد بدأ الشطر الأول بالحديث عن الأنفال وتنازعهم عليها فردها إلى الله والرسول.. ثم دعاهم إلى التقوى، وبين لهم حقيقة الإيمان ليرتفعوا إليها.. ثم كشف لهم عن تدبير الله وتقديره في الموقعة التي يتنازعون أنفالها، مستحضرا جانبا من مواقف المعركة ومشاهدها، فإذا التدبير كله لله، والمدد كله من الله، والمعركة كلها مسوقة لتحقيق إرادة الله، وإن هم فيها إلا ستار وأداة.. ثم أهاب بهم من وراء هذا الذي كشفه لهم من حقيقة المعركة إلى الثبات عند الزحف وطمأنهم إلى نصرة الله ومعيته، وإلى تخذيل الله لأعدائهم وأخذهم بذنوبهم.. ثم حذرهم خيانة الله وخيانة الرسول وفتنة الأموال والأولاد وأمر الرسول- صلى الله عليه وسلم- أن يحذر الذين كفروا عاقبة ما هم فيه وأن يقبل منهم الاستجابة- لو استجابوا- ويكل خبيئهم إلى الله وأمر المسلمين أن يقاتلوهم إن تولوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله..
وكذلك يسير هذا الشطر الثاني.. يبدأ ببيان حكم الله في الغنائم- بعد أن ردها إلى الله ورسوله- ثم يدعوهم إلى الإيمان بالله وما أنزله على عبده يوم الفرقان يوم التقى الجمعان.. ثم يكشف لهم عن تدبير الله وتقديره في الموقعة التي جاءت بهذه الغنائم ويستحضر جانبا آخر من مواقف المعركة ومشاهدها، يتجلى فيه هذا التقدير وذلك التدبير، كما يتجلى فيه أنهم لم يكونوا سوى أداة لقدر الله وستار.. ثم يهيب بهم من وراء هذا الذي كشفه لهم من حقيقة المعركة إلى الثبات عند اللقاء، وإلى ذكر الله، وطاعته وطاعة رسوله ويحذرهم التنازع مخافة الفشل والانكسار ويدعوهم إلى الصبر وتجنب البطر والرياء في الجهاد ويحذرهم عاقبة الكفار الذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله، منخدعين بمكر الشيطان ويدعوهم إلى التوكل على الله وحده، القوي القادر على النصر الحكيم في تقديره وتدبيره.. ثم يريهم سنة الله [1] من ص 1462- 1469
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1515