نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1243
(7) سورة الأعراف مكيّة وآياتها ستّ ومائتان
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذه سورة مكية- كسورة الأنعام- موضوعها الأساسي هو موضوع القرآن المكي.. العقيدة.. ولكن ما أشد اختلاف المجالين اللذين تتحرك فيهما السورتان في معالجة هذا الموضوع الواحد، وهذه القضية الكبيرة! إن كل سورة من سور القرآن ذات شخصية متفردة، وذات ملامح متميزة، وذات منهج خاص، وذات أسلوب معين، وذات مجال متخصص في علاج هذا الموضوع الواحد، وهذه القضية الكبيرة.
إنها كلها تتجمع على الموضوع والغاية، ثم تأخذ بعد ذلك سماتها المستقلة، وطرائقها المتميزة ومجالها المتخصص في علاج هذا الموضوع، وتحقيق هذه الغاية.
إن الشأن في سور القرآن- من هذه الوجهة- كالشأن في نماذج البشر التي جعلها الله متميزة.. كلهم إنسان، وكلهم له خصائص الإنسانية، وكلهم له التكوين العضوي والوظيفي الإنساني.. ولكنهم بعد ذلك نماذج منوعة أشد التنويع. نماذج فيها الأشباه القريبة الملامح، وفيها الأغيار التي لا تجمعها إلا الخصائص الإنسانية العامة! هكذا عدت أتصور سور القرآن. وهكذا عدت أحسها، وهكذا عدت أتعامل معها. بعد طول الصحبة، وطول الألفة، وطول التعامل مع كل منها وفق طباعه واتجاهاته، وملامحه وسماته! وأنا أجد في سور القرآن- تبعا لهذا- وفرة بسبب تنوع النماذج، وأنسا بسبب التعامل الشخصي الوثيق، ومتاعا بسبب اختلاف الملامح والطباع، والاتجاهات والمطالع! إنها أصدقاء.. كلها صديق.. وكلها أليف.. وكلها حبيب.. وكلها ممتع.. وكلها يجد القلب عنده ألوانا من الاهتمامات طريفة، وألوانا من المتاع جديدة، وألوانا من الإيقاعات، وألوانا من المؤثرات، تجعل لها مذاقا خاصا، وجوا متفردا.
ومصاحبة السورة من أولها إلى آخرها رحلة.. رحلة في عوالم ومشاهد، ورؤى وحقائق، وتقريرات وموحيات، وغوص في أعماق النفوس، واستجلاء لمشاهد الوجود.. ولكنها كذلك رحلة متميزة المعالم في كل سورة ومع كل سورة.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1243