نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1242
للحقيقة الواحدة.. الحقيقة التي تبدو مرة في صورة عقيدة في الضمير. وتبدو مرة في صورة منهج للحياة..
وكلتا الصورتين تعنيان حقيقة واحدة في مفهوم هذا الدين..
ولكننا نتلفت الآن- وقد انتهى سياق السورة- على المدى المتطاول، والمساحة الشاسعة، والأغوار البعيدة.. تلك التي تتراءى فيها أبعاد السورة- ما سبق منها في الجزء السابع وما نواجهه منها في هذا الجزء- فإذا هو شيء هائل هائل.. وننظر إلى حجم السورة، فإذا هي كذا صفحة، وكذا آية، وكذا عبارة.. ولو كان هذا في كلام البشر ما اتسعت هذه الرقعة لعشر معشار هذا الحشد من الحقائق والمشاهد والمؤثرات والموحيات في مثل هذه المساحة المحدودة! .. وذلك فضلاً على المستوى المعجز الذي تبلغه هذه الحقائق بذاتها، والذي يبلغه التعبير عنها كذلك..
ألا إنها رحلة شاسعة الآماد، عميقة الأغوار، هائلة الأبعاد هذه التي قطعناها مع السورة.. رحلة مع حقائق الوجود الكبيرة.. رحلة تكفي وحدها لتحصيل «مقومات التصور الإسلامي» ! حقيقة الألوهية بروعتها وبهائها وجلالها وجمالها..
وحقيقة الكون والحياة وما وراء الكون والحياة من غيب مكنون، ومن قدر مجهول، ومن مشيئة تمحو وتثبت، وتنشئ وتعدم، وتحيي وتميت، وتحرك الكون والأحياء والناس كما تشاء.
وحقيقة النفس الإنسانية، بأغوارها وأعماقها، ودروبها ومنحنياتها، وظاهرها وخافيها، وأهوائها وشهواتها، وهداها وضلالها، وما يوسوس لها من شياطين الإنس والجن. وما يقود خطواتها من هدى أو ضلال..
ومشاهد قيامة، ومواقف حشر، ولحظات كربة وضيق، ولحظات أمل واستبشار. ولقطات من تاريخ الإنسان في الأرض ولقطات من تاريخ الكون والحياة.
وحشود وحشود من هذه المجالي التي لا نملك تلخيصها في هذه العجالة. والتي لا تعبر عنها إلا السورة نفسها، في سياقها الفريد، وفي أدائها العجيب.
إنه الكتاب «المبارك» .. وهذه- بلا شك- واحدة من بركاته الكثيرة.. والحمد لله رب العالمين..
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1242