responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 531
أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الذَّمِّ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ أَيْ: أَفْرَغَ عَلَيْهِمْ وَأَلْقَى عَلَى تِلْكَ الطَّوَائِفِ سَوْطَ عَذَابٍ، وَهُوَ مَا عَذَّبَهُمْ بِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: جَعَلَ سَوْطَهُ الَّذِي ضَرَبَهُمْ بِهِ الْعَذَابَ، يُقَالُ: صَبَّ عَلَى فُلَانٍ خُلْعَةً، أَيْ: أَلْقَاهَا عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النابغة:
فصبّ عليه الله أحسن صنعه ... وكان له بين البريّة ناصرا
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ ... وَصَبَّ عَلَى الْكُفَّارِ سَوْطَ عَذَابِ
وَمَعْنَى سَوْطَ عَذَابٍ: نَصِيبَ عَذَابٍ، وَذِكْرُ السَّوْطِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا أَحَلَّهُ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أَعَدَّهُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ كَالسَّوْطِ إِذَا قِيسَ إِلَى سَائِرِ مَا يُعَذَّبُ بِهِ. وَقِيلَ: ذِكْرُ السَّوْطِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى شِدَّةِ مَا نَزَلَ بِهِمْ، وَكَانَ السَّوْطُ عِنْدَهُمْ هُوَ نِهَايَةَ مَا يُعَذَّبُ بِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ السَّوْطَ هُوَ عَذَابُهُمُ الَّذِي يُعَذَّبُونَ بِهِ، فَجَرَى لِكُلِّ عَذَابٍ إِذَا كَانَ فِيهِ عِنْدَهُمْ غَايَةُ الْعَذَابِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: عَذَابٌ يُخَالِطُ اللحم والدم، من قولهم: يَسُوطُهُ سَوْطًا، أَيْ: خَلَطَهُ، فَالسَّوْطُ: خَلْطُ الشَّيْءِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
لكنّها خَلَّةً قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِهَا ... فَجْعٌ وَوَلَعٌ [1] وَإِخْلَافٌ وَتَبْدِيلُ
وَقَالَ الْآخَرُ:
أَحَارِثُ إِنَّا لَوْ تساط دماؤنا ... تزايلن حَتَّى لَا يَمَسَّ دَمٌ دَمَا
وَقَالَ آخَرُ:
فَسُطْهَا ذَمِيمَ الرَّأْيِ غَيْرَ مُوَفَّقٍ ... فَلَسْتَ عَلَى تَسْوِيطِهَا بِمُعَانِ
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ قَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ. وَالْأَوْلَى أَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَفِيهَا إِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ كُفَّارَ قَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ، وَمَعْنَى بِالْمِرْصَادِ: أَنَّهُ يَرْصُدُ عَمَلَ كُلِّ إِنْسَانٍ حَتَّى يُجَازِيَهُ عَلَيْهِ بِالْخَيْرِ خَيْرًا وَبِالشَّرِّ شَرًّا. قَالَ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ: أَيْ عَلَيْهِ طَرِيقُ الْعِبَادِ لَا يَفُوتُهُ أَحَدٌ، وَالرَّصْدُ وَالْمِرْصَادُ: الطَّرِيقُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ: إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً [2] .
وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالْفَجْرِ قَالَ: فَجْرُ النَّهَارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ: يَعْنِي صلاة الفجر. وأخرج سعيد

[1] «فجع» : إصابة بمكروه. «ولع» : كذب.
[2] النبأ: 21.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 531
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست