responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 530
لقريتهم أو للأرض التي كانوا فيها. والأولى أَوْلَى. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ الَّتِي لَمْ يُخْلَقُ مِثْلُهُمْ فِي الْبِلَادِ وَقِيلَ: الْإِرَمُ: الْهَلَاكُ. قَالَ الضَّحَّاكُ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ: أَيْ أَهْلَكَهُمْ فَجَعَلَهُمْ رَمِيمًا، وَبِهِ قَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ. وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ اسْمُ مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قُصُورُهَا وَدُورُهَا وَبَسَاتِينُهَا، وَأَنَّ حَصْبَاءَهَا جَوَاهِرُ وَتُرَابَهَا مِسْكٌ، وَلَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ وَلَا فِيهَا سَاكِنٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَأَنَّهَا لَا تَزَالُ تَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ، فَتَارَةً تَكُونُ بِالْيَمَنِ، وَتَارَةً تَكُونُ بِالشَّامِ، وَتَارَةً تَكُونُ بِالْعِرَاقِ، وَتَارَةً تَكُونُ بِسَائِرِ الْبِلَادِ، وَهَذَا كَذِبٌ بَحْتٌ لَا ينفق على من له أدنى تمييز. وَزَادَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ الله ابن قِلَابَةَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ هَذِهِ الْمَدِينَةَ، وَهَذَا كَذِبٌ عَلَى كَذِبٍ وَافْتِرَاءٌ عَلَى افْتِرَاءٍ، وَقَدْ أُصِيبَ الْإِسْلَامُ وَأَهْلُهُ بِدَاهِيَةٍ دَهْيَاءَ وَفَاقِرَةٍ عُظْمَى وَرَزِيَّةٍ كُبْرَى مِنْ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْكَذَّابِينَ الدجالين الذين يجترءون عَلَى الْكَذِبِ، تَارَةً عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَتَارَةً عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَتَارَةً عَلَى الصَّالِحِينَ، وَتَارَةً عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَتَضَاعَفَ هَذَا الشَّرُّ وَزَادَ كَثْرَةً بِتَصَدُّرِ جَمَاعَةٍ مِنَ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِصَحِيحِ الرِّوَايَةِ مِنْ ضَعِيفِهَا مِنْ مَوْضُوعِهَا لِلتَّصْنِيفِ والتفسير للكتاب العزيز، فأدخلوا هذه الخرافات المختلفة وَالْأَقَاصِيصَ الْمَنْحُولَةَ وَالْأَسَاطِيرَ الْمُفْتَعَلَةَ فِي تَفْسِيرِ كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَحَرَّفُوا وَغَيَّرُوا وَبَدَّلُوا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ عَلَى بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا فَلْيَنْظُرْ فِي كِتَابِي الَّذِي سَمَّيْتُهُ:
«الْفَوَائِدَ الْمَجْمُوعَةَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ» .
ثُمَّ عَطَفَ سُبْحَانَهُ الْقَبِيلَةَ الْآخِرَةَ، وَهِيَ ثَمُودُ عَلَى قَبِيلَةِ عَادٍ فَقَالَ: وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ وَهُمْ قَوْمُ صَالِحٍ سُمُّوا بِاسْمِ جَدِّهِمْ ثَمُودَ بْنِ عَابِرِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَمَعْنَى جَابُوا الصَّخْرَ: قَطَعُوهُ، وَالْجَوْبُ الْقَطْعُ، وَمِنْهُ جَابَ الْبِلَادَ: إِذَا قَطَعَهَا، وَمِنْهُ سُمِّيَ جَيْبُ الْقَمِيصِ لِأَنَّهُ جَيْبٌ، أَيْ: قَطْعٌ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَوَّلُ مَنْ نَحَتَ الْجِبَالَ وَالصُّخُورَ ثَمُودُ، فَبَنَوْا مِنَ الْمَدَائِنِ أَلْفًا وَسَبْعَمِائَةِ مَدِينَةٍ كُلُّهَا من الحجارة، ومنه قوله سبحانه: وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً [1] وَكَانُوا يَنْحِتُونَ الْجِبَالَ وَيَنْقُبُونَهَا وَيَجْعَلُونَ تِلْكَ الْأَنْقَابَ بُيُوتًا يَسْكُنُونَ فِيهَا، وَقَوْلُهُ: بِالْوادِ مُتَعَلِّقٌ بِجَابُوا، أَوْ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الصَّخْرِ، وَهُوَ وَادِي الْقُرَى. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: ثَمُودَ بِمَنْعِ الصَّرْفِ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ، فَفِيهِ التَّأْنِيثُ وَالتَّعْرِيفُ.
وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ بِالصَّرْفِ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِأَبِيهَا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا بِالْوَادِ بِحَذْفِ الْيَاءِ وَصْلًا وَوَقْفًا اتِّبَاعًا لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِإِثْبَاتِهَا فِيهِمَا. وَقَرَأَ قُنْبُلٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِإِثْبَاتِهَا فِي الْوَصْلِ دُونَ الْوَقْفِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ أَيْ: ذُو الْجُنُودِ الَّذِينَ لَهُمْ خِيَامٌ كَثِيرَةٌ يَشُدُّونَهَا بِالْأَوْتَادِ، أَوْ جَعَلَ الْجُنُودُ أَنْفُسَهُمْ أَوْتَادًا لِأَنَّهُمْ يَشُدُّونَ الْمَلِكَ كَمَا تَشُدُّ الْأَوْتَادُ الْخِيَامَ، وَقِيلَ: كَانَ لَهُ أَوْتَادٌ يُعَذِّبُ النَّاسَ بِهَا وَيَشُدُّهُمْ إِلَيْهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي سُورَةِ ص الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ الْمَوْصُولُ صِفَةٌ لِعَادٍ وَثَمُودَ وَفِرْعَوْنَ، أَيْ: طَغَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فِي بِلَادِهِمْ وَتَمَرَّدَتْ وَعَتَتْ، وَالطُّغْيَانُ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ بِالْكُفْرِ وَمَعَاصِي اللَّهِ وَالْجَوْرِ عَلَى عِبَادِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُولُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُمْ الذين طغوا،

[1] الشعراء: 149.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 530
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست