responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 407
أَيْ: شَرَائِعَهُ وَأَحْكَامَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ
أَيْ: أَتْمَمْنَا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ بِلِسَانِ جِبْرِيلَ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
أَيْ: قِرَاءَتَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ أَيْ: تَفْسِيرَ مَا فِيهِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَبَيَانَ مَا أَشْكَلَ مِنْهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ:
الْمَعْنَى عَلَيْنَا أَنْ نُنْزِلَهُ عَلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا فِيهِ بَيَانٌ لِلنَّاسِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ كَلَّا لِلرَّدْعِ عَنِ الْعَجَلَةِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْأَنَاةِ، وَقِيلَ: هِيَ رَدْعٌ لِمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقُرْآنِ وَبِكَوْنِهِ بَيِّنًا مِنَ الْكُفَّارِ. قَالَ عَطَاءٌ: أَيْ: لَا يُؤْمِنُ أَبُو جَهْلٍ بِالْقُرْآنِ وَبَيَانِهِ. قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفِيُّونَ: بَلْ تُحِبُّونَ وَتَذَرُونَ بِالْفَوْقِيَّةِ فِي الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ فِيهِمَا، فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى يَكُونُ الْخِطَابُ لَهُمْ تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الْكَلَامُ عَائِدًا إِلَى الْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى النَّاسِ، وَالْمَعْنَى:
تُحِبُّونَ الدُّنْيَا وَتَتْرُكُونَ الْآخِرَةَ فَلَا تَعْمَلُونَ لَهَا وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ أَيْ: نَاعِمَةٌ غَضَّةٌ حَسَنَةٌ، يُقَالُ: شَجَرٌ نَاضِرٌ وَرَوْضٌ نَاضِرٌ، أَيْ: حَسَنٌ نَاعِمٌ، وَنَضَارَةُ الْعَيْشِ: حُسْنُهُ وبهجته. قال الواحدي والمفسرون: يقولون مضيئة مسفرة مُشْرِقَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ هَذَا مِنَ النَّظَرِ، أَيْ: إِلَى خَالِقِهَا وَمَالِكِ أَمْرِهَا ناظِرَةٌ أَيْ: تَنْظُرُ إِلَيْهِ، هَكَذَا قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْ أَنَّ الْعِبَادَ يَنْظُرُونَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا بِحَمْدِ اللَّهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَسَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، كَمَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَهُدَاةِ الْأَنَامِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
إِنَّ النَّظَرَ هُنَا انْتِظَارُ مَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ هَذَا إلا عن مجاهد وحده. قال الأزهري: وقول مجاهد خطأ لأنه لا يقال: نظر إلى كذا بمعنى الانتظار. وَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ:
نَظَرْتُ إِلَى فُلَانٍ لَيْسَ إِلَّا رُؤْيَةَ عَيْنٍ، إِذَا أَرَادُوا الِانْتِظَارَ قَالُوا: نَظَرْتُهُ، كَمَا فِي قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَإِنَّكُمَا إِنْ تُنْظِرَانِي سَاعَةً ... مِنَ الدَّهْرِ تَنْفَعْنِي لَدَى أُمِّ جُنْدَبِ
فَإِذَا أَرَادُوا نَظَرَ الْعَيْنِ قَالُوا: نَظَرْتُ إِلَيْهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ [1] :
نَظَرْتُ إِلَيْهَا وَالنُّجُومُ كأنّها ... مصابيح رهبان تشبّ لقفّال «2»
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
إِنِّي إِلَيْكِ لَمَّا وَعَدْتِ لَنَاظِرُ ... نَظَرَ الْفَقِيرِ إِلَى الْغَنِيِّ الْمُوسِرِ
أَيْ: أَنْظُرُ إِلَيْكَ نَظَرَ ذُلٍّ كَمَا يَنْظُرُ الْفَقِيرُ إِلَى الغنيّ. وأشعار العرب وكلماتهم في هذه كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَ «وُجُوهٌ» مُبْتَدَأٌ، وَجَازَ الِابْتِدَاءُ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً، لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَفْصِيلٍ، وَ «نَاضِرَةٌ» صِفَةٌ لِوُجُوهٍ، وَ «يَوْمَئِذٍ» ظَرْفٌ لِنَاضِرَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَقَامُ مَقَامُ تَفْصِيلٍ لَكَانَ وَصْفُ النَّكِرَةِ بِقَوْلِهِ: ناضِرَةٌ مُسَوِّغًا لِلِابْتِدَاءِ بِهَا، وَلَكِنْ مَقَامُ التَّفْصِيلِ بِمَجَرَّدِهِ مُسَوِّغٌ لِلِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ أَيْ: كَالِحَةٌ

[1] هو امرؤ القيس.
(2) . «تشب» : توقد. «القفال» : جمع قافل، وهو الراجع من السفر.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست