responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 406
وَمَا أَخَّرَ مِنْ طَاعَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: بِمَا قَدَّمَ مِنْ أَمْوَالِهِ وَمَا خَلَّفَ لِلْوَرَثَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
بِأَوَّلِ عَمَلِهِ وَآخِرِهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: بِمَا قَدَّمَ مِنْ فَرْضٍ وَأَخَّرَ مِنْ فَرْضٍ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: هَذَا الْإِنْبَاءُ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ وَزْنِ الْأَعْمَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرَ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
ارْتِفَاعُ بَصِيرَةٌ عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ الْإِنْسَانِ، «عَلَى نفسه» متعلق ببصيرة. قَالَ الْأَخْفَشُ: جَعَلَهُ هُوَ الْبَصِيرَةُ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَنْتَ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِكَ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّ جَوَارِحَهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا عَمِلَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [1] ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
كَأَنَّ عَلَى ذِي الْعَقْلِ عَيْنًا بصيرة ... بمقعده أو منظر هو ناظره
فَيَكُونُ الْمَعْنَى: بَلْ جَوَارِحُ الْإِنْسَانِ عَلَيْهِ شَاهِدَةٌ. قال أبو عبيدة والقتبي: إِنَّ هَذِهِ الْهَاءَ فِي بَصِيرَةٍ هِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا أَهْلُ الْإِعْرَابِ هَاءَ الْمُبَالَغَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: عَلَّامَةٌ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَصِيرَةِ الْكَاتِبَانِ اللَّذَانِ يَكْتُبَانِ مَا يَكُونُ مِنْهُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَالتَّاءُ عَلَى هَذَا لِلتَّأْنِيثِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْ بَصِيرٌ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
أَيْ: وَلَوِ اعْتَذَرَ وَجَادَلَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ. يُقَالُ: مَعْذِرَةٌ وَمَعَاذِيرٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ:
وَإِنِ اعْتَذَرَ فَعَلَيْهِ مَنْ يُكَذِّبُ عُذْرَهُ [2] . وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعَاذِيرُ: السُّتُورُ، وَالْوَاحِدُ مِعْذَارٌ، أَيْ: وَإِنْ أَرْخَى السُّتُورَ يُرِيدُ أَنْ يُخْفِيَ نَفْسَهُ فَنَفْسُهُ شَاهِدَةٌ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: وَالسِّتْرُ بِلُغَةِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ مِعْذَارٌ.
كَذَا قَالَ الْمُبَرِّدُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَكِنَّهَا ضَنَّتْ بِمَنْزِلٍ سَاعَةً ... عَلَيْنَا وَأَطَّتْ يَوْمَهَا بِالْمَعَاذِرِ
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ زَيْدٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَمُقَاتِلٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ [3] وقوله: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [4] وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَمَا حَسَنٌ أَنْ يَعْذِرَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ... وَلَيْسَ لَهُ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ عَاذِرُ
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ وَلِسَانَهُ بِالْقُرْآنِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِ جِبْرِيلَ مِنْ قِرَاءَةِ الْوَحْيِ حِرْصًا عَلَى أَنْ يَحْفَظَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، أَيْ: لَا تُحَرِّكْ بِالْقُرْآنِ لِسَانَكَ عِنْدَ إِلْقَاءِ الْوَحْيِ لِتَأْخُذَهُ عَلَى عَجَلٍ مَخَافَةَ أَنْ يَتَفَلَّتَ مِنْكَ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ [5] الْآيَةَ. إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ
فِي صَدْرِكَ حَتَّى لَا يَذْهَبَ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ وَقُرْآنَهُ
أَيْ: إِثْبَاتُ قِرَاءَتِهِ فِي لِسَانِكَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْقِرَاءَةُ والقرآن مصدران. وقال قتادة فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ

[1] النور: 24.
[2] في القرطبي [19/ 100] : أي ولو اعتذر فقال لم أفعل شيئا لكان عليه من نفسه من يشهد عليه من جوارحه.
[3] غافر: 52.
[4] المرسلات: 36.
[5] طه: 114.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست