responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 371
ويقول: هَذِهِ أَعْضَاءٌ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكَ فَلَا تَسْجُدْ بِهَا لِغَيْرِهِ فَتَجْحَدُ نِعْمَةَ اللَّهِ، وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ. وَقِيلَ: الْمَسَاجِدُ هِيَ الصَّلَاةُ لِأَنَّ السُّجُودَ مِنْ جُمْلَةِ أَرْكَانِهَا، قَالَهُ الْحَسَنُ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ كَائِنًا مَا كَانَ وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْجُمْهُورَ قَرَءُوا هُنَا بِفَتْحِ أَنَّ، عَطْفًا عَلَى أَنَّهُ اسْتَمَعَ: أَيْ وَأَوْحِيَ إِلَيَّ أَنَّ الشَّأْنَ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ أَيْ: يَدْعُو اللَّهَ وَيَعْبُدُهُ، وَذَلِكَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ [1] كَمَا تَقَدَّمَ حِينَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَيَتْلُو الْقُرْآنَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَيْضًا قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ بِكَسْرِ «إِنَّ» هناك، وَفِيهَا غُمُوضٌ وَبُعْدٌ عَنِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً أَيْ: كَادَ الْجِنُّ يَكُونُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ لِبَدًا، أَيْ: مُتَرَاكِمِينَ مِنِ ازْدِحَامِهِمْ عَلَيْهِ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ مِنْهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَعْنَى لِبَدًا: يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَمِنْ هَذَا اشْتِقَاقُ هَذِهِ اللُّبُودِ الَّتِي تُفْرَشُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ لِبَداً بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْبَاءِ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَهِشَامٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، وقرأ أبو حيوة ومحمد بن السّميقع وَالْعُقَيْلِيُّ وَالْجَحْدَرِيُّ بِضَمِّ الْبَاءِ وَاللَّامِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالْأَعْرَجُ بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَفْتُوحَةً. فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى الْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وعلى قراءة اللَّامِ يَكُونُ الْمَعْنَى كَثِيرًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً [2] وَقِيلَ الْمَعْنَى: كَادَ الْمُشْرِكُونَ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَرْدًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ بِالدَّعْوَةِ، تَلَبَّدَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لِيُطْفِئُوهُ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَنْصُرَهُ، وَيُتِمَّ نُورَهُ. وَاخْتَارَ هَذَا ابْنُ جَرِيرٍ. قَالَ مُجَاهِدٌ: لِبَداً أَيْ: جَمَاعَاتٍ، وَهُوَ مَنْ تَلَبَّدَ الشَّيْءُ عَلَى الشَّيْءِ، أَيِ: اجْتَمَعَ، وَمِنْهُ اللَّبَدُ:
الَّذِي يُفْرَشُ لِتَرَاكُمِ صُوفِهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَلْصَقْتَهُ إِلْصَاقًا شَدِيدًا فَقَدْ لَبَّدْتَهُ، وَيُقَالُ لِلشَّعَرِ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْأَسَدِ:
لُبْدَةٌ، وَجَمْعُهَا لُبَدٌ، وَيُقَالُ لِلْجَرَادِ الْكَثِيرِ: لُبَدٌ وَيُطْلَقُ اللُّبَدُ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْبَاءِ عَلَى الشَّيْءِ الدَّائِمِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِنَسْرِ لُقْمَانَ لُبَدٌ لِطُولِ بَقَائِهِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِ النَّابِغَةِ:
أَخْنَى عَلَيْهَا الَّذِي أخنى على لبد «3»
قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي أَيْ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَأَعْبُدُهُ وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: قَالَ وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ «قُلْ» عَلَى الْأَمْرِ. وَسَبَبُ نُزُولِهَا إِنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ جِئْتَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَقَدْ عَادَيْتَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، فَارْجِعْ عَنْ هَذَا فَنَحْنُ نُجِيرُكَ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً أَيْ: لَا أَقْدِرُ أَنْ أَدْفَعَ عَنْكُمْ ضَرًّا، وَلَا أَسُوقُ إِلَيْكُمْ خَيْرًا، وَقِيلَ: الضُّرُّ: الْكُفْرُ، وَالرَّشَدُ: الْهُدَى، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِوُقُوعِ النَّكِرَتَيْنِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَهُمَا يَعُمَّانِ كُلَّ ضَرَرٍ وَكُلَّ رَشَدٍ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ أَيْ: لَا يَدْفَعُ عَنِّي أَحَدٌ عَذَابَهُ إِنْ أَنْزَلَهُ بِي وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً أَيْ: مَلْجَأً وَمَعْدِلًا وحرزا، والملتحد معناه في اللغة: الممال أي: موضعا أميل إليه. قال قتادة:
مولى. وقال السدّي: حرزا، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَدْخَلًا فِي الْأَرْضِ مِثْلَ السِّرْبِ، وقيل: مذهبا ومسلكا،

[1] «بطن نخلة» : موضع بين مكة والطائف.
[2] البلد: 6.
(3) . وصدره: أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست