responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 370
لَأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً أَيْ: كَثِيرًا وَاسِعًا. قَالَ مُقَاتِلٌ: مَاءً كَثِيرًا مِنَ السَّمَاءِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا رُفِعَ عَنْهُمُ الْمَطَرُ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْمَعْنَى لَوْ آمَنُوا جَمِيعًا لَوَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَضُرِبَ الْمَاءُ الْغَدَقُ مَثَلًا لَأَنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَالرِّزْقَ بِالْمَطَرِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا [1] الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ:
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً- وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [2] وَقَوْلُهُ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً- يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً- وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ [3] الْآيَةَ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامَ أَبُوهُمْ عَلَى عِبَادَتِهِ، وَسَجَدَ لِآدَمَ، وَلَمْ يَكْفُرْ، وَتَبِعَهُ وَلَدُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ لَأَنْعَمْنَا عَلَيْهِمْ، وَاخْتَارَ هَذَا الزَّجَّاجُ. وَالْمَاءُ الْغَدَقُ: هُوَ الْكَثِيرُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ أَيْ: لِنَخْتَبِرَهُمْ فَنَعْلَمَ كَيْفَ شُكْرُهُمْ عَلَى تِلْكَ النِّعَمِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمَعْنَى وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا مِنَ الْكُفْرِ فَكَانُوا كُلُّهُمْ كُفَّارًا لَأَوْسَعْنَا أَرْزَاقَهُمْ مَكْرًا بِهِمْ وَاسْتِدْرَاجًا حَتَّى يُفْتَنُوا بِهَا فَنُعَذِّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَبِهِ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُهُ عَبْدُ الرّحمن والثّمالي ويمان بن رباب وَابْنُ كَيْسَانَ وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ [4] وَقَوْلُهُ: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ [5] الْآيَةَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً أَيْ: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنِ الْقُرْآنِ، أَوْ عَنِ الْعِبَادَةِ، أَوْ عَنِ الْمَوْعِظَةِ، أَوْ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ يَسْلُكْهُ، أَيْ:
يُدْخِلْهُ عَذَابًا صَعَدًا، أَيْ: شَاقًّا صَعْبًا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ نَسْلُكُهُ بِالنُّونِ مَفْتُوحَةً. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ لِقَوْلِهِ: عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ ذِكْرِنَا. وَقَرَأَ مُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَالْأَعْرَجُ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ اللَّامِ، مِنْ أَسْلَكَهُ، وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ مِنْ سَلَكَهُ. وَالصَّعَدُ فِي اللغة: المشقة، تقول: تصعّدني الْأَمْرُ: إِذَا شَقَّ عَلَيْكَ، وَهُوَ مَصْدَرُ صَعِدَ، يُقَالُ: صَعِدَ صَعْدًا وَصُعُودًا، فَوَصَفَ بِهِ الْعَذَابَ مُبَالَغَةً لِأَنَّهُ يَتَصَعَّدُ الْمُعَذَّبَ، أَيْ: يَعْلُوهُ وَيَغْلِبُهُ فَلَا يُطِيقُهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الصَّعَدُ مَصْدَرٌ، أَيْ: عَذَابًا ذَا صَعَدٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الصَّعَدُ: هُوَ صَخْرَةٌ مَلْسَاءُ فِي جَهَنَّمَ يُكَلَّفُ صُعُودَهَا، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى أَعْلَاهَا حَدَرَ إِلَى جَهَنَّمَ، كما في قوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً [6] والصعود:
العقبة الكؤود وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ قَدْ قَدَّمَنَا اتِّفَاقَ الْقُرَّاءِ هُنَا عَلَى الْفَتْحِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنَّهُ اسْتَمَعَ، أَيْ:
وَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّ الْمَسَاجِدَ مُخْتَصَّةٌ بِاللَّهِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: التَّقْدِيرُ وَلِأَنَّ الْمَسَاجِدَ. وَالْمَسَاجِدُ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي بُنِيَتْ لِلصَّلَاةِ فِيهَا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَالَتِ الْجِنَّ: كَيْفَ لَنَا أَنْ نأتي المساجد، ونشهد معك الصلاة، ونحن ناؤون عَنْكَ؟ فَنَزَلَتْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَرَادَ بِهَا كُلَّ الْبِقَاعِ لِأَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ: أَرَادَ بِالْمَسَاجِدِ الْأَعْضَاءَ الَّتِي يَسْجُدُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ، وَهِيَ الْقَدَمَانِ والركبتان واليدان والجبهة،

[1] المائدة: 65.
[2] الطلاق: 2- 3.
[3] نوح: 10- 12.
[4] الأنعام: 44.
[5] الزخرف: 33.
[6] المدثر: 17. [.....]
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست