responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 276
أَنَّهَا أُسْنِدَتْ إِلَى غَيْرِهَا، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَسْنَدْتُ كَذَا إِلَى كَذَا، وَالتَّشْدِيدُ لِلتَّكْثِيرِ. ثُمَّ عَابَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْجُبْنِ فَقَالَ: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ أَيْ: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ يَسْمَعُونَهَا وَاقِعَةً عَلَيْهِمْ، نَازِلَةً بِهِمْ، لِفَرْطِ جُبْنِهِمْ وَرُعْبِ قُلُوبِهِمْ، وَفِي الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِلْحُسْبَانِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: هُمُ الْعَدُوُّ جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً لِبَيَانِ أَنَّهُمُ الْكَامِلُونَ فِي الْعَدَاوَةِ لِكَوْنِهِمْ يُظْهِرُونَ غَيْرَ مَا يُبْطِنُونَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ لِلْحُسْبَانِ هُوَ قَوْلُهُ: هُمُ الْعَدُوُّ، وَيَكُونُ قوله: عَلَيْهِمْ متعلقا بصيحة، وَإِنَّمَا جَاءَ بِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ الْعَدُوُّ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى. قَالَ مُقَاتِلٌ وَالسُّدِّيُّ: أَيْ:
إِذَا نَادَى مُنَادٍ فِي الْعَسْكَرِ، أَوِ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ، أَوْ أُنْشِدَتْ ضَالَّةٌ، ظَنُّوا أَنَّهُمُ الْمُرَادُونَ لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ [1] :
مَا زِلْتَ تَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَهُمْ ... خَيْلًا تَكُرُّ عَلَيْهِمُ وَرِجَالًا
وَقِيلَ: كَانَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى وَجَلٍ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِمْ مَا يَهْتِكُ أَسْتَارَهُمْ، وَيُبِيحُ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ. ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ حَذَرَهُ مِنْهُمْ فَقَالَ: فَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ فُرْصَةٍ مِنْكَ، أَوْ يَطَّلِعُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَسْرَارِكَ لِأَنَّهُمْ عُيُونٌ لِأَعْدَائِكَ مِنَ الْكُفَّارِ. ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ أَيْ: لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَلَى طَرِيقَةِ التَّعَجُّبِ، كَقَوْلِهِمْ: قَاتَلَهُ اللَّهُ مِنْ شَاعِرٍ، أَوْ مَا أَشْعَرَهُ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ هُنَا، بَلِ الْمُرَادُ ذَمُّهُمْ وَتَوْبِيخُهُمْ، وَهُوَ طَلَبٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ طَلَبَهُ مِنْ ذَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَلْعَنَهُمْ وَيُخْزِيَهُمْ، أَوْ هُوَ تَعْلِيمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَمَعْنَى أَنَّى يُؤْفَكُونَ كَيْفَ يُصْرَفُونَ عَنِ الْحَقِّ وَيَمِيلُونَ عَنْهُ إِلَى الْكُفْرِ. قَالَ قَتَادَةُ: مَعْنَاهُ يَعْدِلُونَ عَنِ الْحَقِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ يُصْرَفُونَ عَنِ الرُّشْدِ وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ أَيْ: إِذَا قَالَ لَهُمُ الْقَائِلُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: قَدْ نَزَلَ فِيكُمْ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَتَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ أَيْ: حَرَّكُوهَا اسْتِهْزَاءً بِذَلِكَ. قَالَ مُقَاتِلٌ: عَطَفُوا رؤوسهم رَغْبَةً عَنِ الِاسْتِغْفَارِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «لَوَّوْا» بِالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ بِالتَّخْفِيفِ، وَاخْتَارَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى أَبُو عَبِيدٍ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ أَيْ: يُعْرِضُونَ عَنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَهُمْ: تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ يُعْرِضُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجُمْلَةُ: وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ الْحَالِ الأولى، ويه يصدّون لأن الرؤية بصرية فيصدّون فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَالْمَعْنَى:
وَرَأَيْتَهُمْ صَادِّينَ مُسْتَكْبِرِينَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَيِ: الِاسْتِغْفَارُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ لِإِصْرَارِهِمْ عَلَى النِّفَاقِ وَاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «أَسْتَغْفَرْتَ» بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ، وَحَذَفَ هَمْزَةَ الِاسْتِفْهَامِ ثِقَةً بِدَلَالَةِ أَمْ عَلَيْهَا. وَقَرَأَ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ بِهَمْزَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ أَيْ: مَا دَامُوا عَلَى النِّفَاقِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ أَيِ: الْكَامِلِينَ فِي الْخُرُوجِ عَنِ الطَّاعَةِ وَالِانْهِمَاكِ فِي مَعَاصِي اللَّهِ، وَيَدْخُلُ فِيهِمُ الْمُنَافِقُونَ دُخُولًا أَوَلِيًّا. ثُمَّ ذَكَرَ سبحانه بعض قبائحهم فقال:

[1] هو الأخطل.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست