responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 275
وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ مُعْتَرِضَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا، وَهُوَ مَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بَوَاطِنُهُمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ أَيْ فِي شَهَادَتِهِمُ الَّتِي زَعَمُوا أَنَّهَا مِنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ وَخُلُوصِ الِاعْتِقَادِ لَا إِلَى مَنْطُوقِ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ بِالرِّسَالَةِ، فَإِنَّهُ حَقٌّ، وَالْمَعْنَى:
وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فِيمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُمْ مِنَ التَّأْكِيدِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ شَهَادَتَهُمْ بِذَلِكَ صَادِرَةٌ عَنْ خُلُوصِ اعْتِقَادٍ وَطُمَأْنِينَةِ قَلْبٍ وَمُوَافَقَةِ بَاطِنٍ لِظَاهِرٍ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً أَيْ: جَعَلُوا حَلِفَهُمُ الَّذِي حَلَفُوا لَكُمْ بِهِ إِنَّهُمْ لِمِنْكُمْ وَإِنَّ مُحَمَّدًا لَرَسُولُ اللَّهِ وِقَايَةً تَقِيهِمْ مِنْكُمْ، وَسُتْرَةً يَسْتَتِرُونَ بِهَا مِنَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ كَذِبِهِمْ وَحَلِفِهِمْ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا جَوَابُ الشَّرْطِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «أَيْمَانَهُمْ» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ بِكَسْرِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا فِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ: مَنَعُوا النَّاسَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ وَأَعْمَالِ الطَّاعَةِ بِسَبَبِ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ من التشكيك والقدح في النبوّة. هذا مَعْنَى الصَّدِّ الَّذِي بِمَعْنَى الصَّرْفِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الصُّدُودِ، أَيْ: أَعْرَضُوا عَنِ الدُّخُولِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِقَامَةِ أَحْكَامِهِ إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ مِنَ النِّفَاقِ وَالصَّدِّ، وَفِي سَاءَ مَعْنَى التَّعَجُّبِ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْكَذِبِ وَالصَّدِّ وَقُبْحِ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبُرُهُ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا أَيْ:
بِسَبَبِ أَنَّهُمْ آمَنُوا فِي الظَّاهِرِ نِفَاقًا ثُمَّ كَفَرُوا فِي الْبَاطِنِ، أَوْ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَظْهَرُوا الْكُفْرَ لِلْكَافِرِينَ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كُفْرِ الْمُنَافِقِينَ، وَقِيلَ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي قَوْمٍ آمَنُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا يُفِيدُهُ السِّيَاقُ فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ أَيْ: خَتَمَ عَلَيْهَا بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «فَطُبِعَ «» عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْقَائِمُ مَقَامَ الْفَاعِلِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورِ بَعْدَهُ، وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى هذه قِرَاءَةُ الْأَعْمَشِ «فَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ» فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ مَا فِيهِ مِنْ صَلَاحِهِمْ وَرَشَادِهِمْ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ أَيْ: هَيْئَاتِهِمْ وَمَنَاظِرِهِمْ، يَعْنِي أَنَّ لَهُمْ أَجْسَامًا تُعْجِبُ مَنْ يَرَاهَا لِمَا فِيهَا مِنَ النَّضَارَةِ وَالرَّوْنَقِ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ فَتَحْسَبُ أَنَّ قَوْلَهُمْ حَقٌّ وَصِدْقٌ لِفَصَاحَتِهِمْ وَذَلَاقَةِ أَلْسِنَتِهِمْ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ فَصِيحًا جَسِيمًا جَمِيلًا، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَالَ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمُرَادُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَجَدُّ بْنُ قيس، ومعتّب ابن قشير، كَانَتْ لَهُمْ أَجْسَامٌ وَمَنْظَرٌ وَفَصَاحَةٌ، وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ «يُسْمَعْ» عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَجُمْلَةُ: كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَجْسَامَهُمْ تُعْجِبُ الرَّائِيَ وَتَرُوقُ النَّاظِرَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، شُبِّهُوا فِي جُلُوسِهِمْ فِي مَجَالِسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَنِدِينَ بِهَا بِالْخُشُبِ الْمَنْصُوبَةِ الْمُسْنَدَةِ إِلَى الْحَائِطِ الَّتِي لَا تَفْهَمُ وَلَا تَعْلَمُ، وَهُمْ كَذَلِكَ لِخُلُوِّهِمْ عَنِ الْفَهْمِ النَّافِعِ وَالْعِلْمِ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ صَاحِبُهُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَصَفَهُمْ بِتَمَامِ الصُّوَرِ، ثُمَّ أَعْلَمَ أَنَّهُمْ فِي تَرْكِ الْفَهْمِ وَالِاسْتِبْصَارِ بِمَنْزِلَةِ الْخُشُبِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «خُشُبٌ» بِضَمَّتَيْنِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَقُنْبُلٌ بِإِسْكَانِ الشِّينِ، وَبِهَا قَرَأَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيْدٍ لِأَنَّ وَاحِدَتَهَا خَشَبَةٌ كَبَدَنَةٍ وَبُدُنٍ، وَاخْتَارَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى أَبُو حَاتِمٍ. وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بِفَتْحَتَيْنِ، وَمَعْنَى مُسَنَّدَةٌ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست