responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 213
بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْآلَةُ الَّتِي يُوزَنُ بِهَا فَيَكُونُ إِنْزَالُهُ بِمَعْنَى إِرْشَادِ النَّاسِ إِلَيْهِ وَإِلْهَامِهِمُ الْوَزْنَ بِهِ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ مِنْ بَابِ:
عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا............... ....
وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ أَيْ خَلَقْنَاهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [1] وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ خَلَقَهُ مِنَ الْمَعَادِنِ وَعَلَّمَ النَّاسَ صَنْعَتَهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ نَزَلَ مَعَ آدَمَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ لِأَنَّهُ تُتَّخَذُ مِنْهُ آلَاتُ الْحَرْبِ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: يُمْتَنَعُ بِهِ وَيُحَارَبُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ تُتَّخَذُ مِنْهُ آلَةٌ لِلدَّفْعِ وَآلَةٌ لِلضَّرْبِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: فِيهِ جُنَّةٌ وَسِلَاحٌ، وَمَعْنَى وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِثْلِ السِّكِّينِ وَالْفَأْسِ وَالْإِبْرَةِ وَآلَاتِ الزِّرَاعَةِ والنجارة والعمارة وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: «لِيَقُومَ النَّاسُ» أَيْ:
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا وَفَعَلْنَا كَيْتَ وَكَيْتَ لِيَقُومَ النَّاسُ وَلِيَعْلَمَ، وَقِيلَ: مَعْطُوفٌ عَلَى عِلَّةٍ مُقَدَّرَةٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ:
ليستعلموه وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ بِنُصْرَةِ دِينِهِ وَرُسُلِهِ فَمَنْ نَصَرَ دِينَهُ وَرُسُلَهُ عَلِمَهُ نَاصِرًا، ومن عصى علمه بخلاف ذلك وبالغيب فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَنْصُرُهُ أَوْ مِنْ مَفْعُولِهِ، أَيْ: غَائِبًا عَنْهُمْ أَوْ غَائِبِينَ عَنْهُ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ أَيْ: قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ غَالِبٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَلَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَنْصُرَهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ وَيَنْصُرَ رُسُلَهُ، بَلْ كَلَّفَهُمْ بذلك لينتفعوا به إذا امتثلوا، ويحصل له مَا وَعَدَ بِهِ عِبَادَهُ الْمُطِيعِينَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ إِرْسَالَ الرُّسُلِ إِجْمَالًا أَشَارَ هُنَا إِلَى نَوْعِ تَفْصِيلٍ، فَذَكَرَ رِسَالَتَهُ لِنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ، وَكَرَّرَ الْقَسَمَ لِلتَّوْكِيدِ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ أَيْ: جَعَلْنَا فِيهِمُ النُّبُوَّةَ وَالْكُتُبَ الْمُنَزَّلَةَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: جَعَلَ بَعْضَهُمْ أَنْبِيَاءَ وَبَعْضَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ أَيْ: فَمِنَ الذُّرِّيَّةِ مَنِ اهْتَدَى بِهُدَى نوح وإبراهيم، وقيل: المعنى: فمن الرسل إِلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِ الْأَنْبِيَاءِ مُهْتَدٍ بِمَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ الْهُدَى وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خَارِجُونَ عَنِ الطَّاعَةِ ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا أَيِ: أَتْبَعْنَا عَلَى آثَارِ الذُّرِّيَّةِ أَوْ عَلَى آثَارِ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ بِرُسُلِنَا الَّذِينَ أَرْسَلْنَاهُمْ إِلَى الْأُمَمِ كَمُوسَى وَإِلْيَاسَ وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمْ وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أَيْ: أَرْسَلْنَا رَسُولًا بَعْدَ رَسُولٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ اشْتِقَاقِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: الْإِنْجِيلَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ بِفَتْحِهَا وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ هُمُ الْحَوَارِيُّونَ جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مَوَدَّةً لِبَعْضِهِمُ الْبَعْضَ، وَرَحْمَةً يَتَرَاحَمُونَ بِهَا، بِخِلَافِ الْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا كَذَلِكَ، وَأَصْلُ الرَّأْفَةِ:
اللِّينُ، وَالرَّحْمَةُ: الشَّفَقَةُ، وَقِيلَ: الرَّأْفَةُ أَشَدُّ الرَّحْمَةِ وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها انْتِصَابُ رَهْبَانِيَّةً عَلَى الِاشْتِغَالِ، أَيْ: وَابْتَدَعُوا رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا، وليس بمعطوفة عَلَى مَا قَبْلَهَا، أَيْ: وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِهِمْ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً مُبْتَدَعَةً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ. والأوّل أولى، ورجّحه أبو علي الفارسي غيره، وجملة ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ صفة ثانية لرهبانية، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِكَوْنِهَا مُبْتَدَعَةً مِنْ جِهَةِ أنفسهم، والمعنى: ما فرضناها عليهم،

[1] الزمر: 6.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست