responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 147
خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: خُشَّعاً جَمْعُ خَاشِعٍ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو خَاشِعًا عَلَى الْإِفْرَادِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [1] :
وَشَبَابٌ حَسَنٌ أَوْجُهُهُمْ مِنْ ... إِيَادِ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدْ
وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ خَاشِعَةً قَالَ الْفَرَّاءُ: الصِّفَةُ إِذَا تَقَدَّمَتْ عَلَى الْجَمَاعَةِ جَازَ فِيهَا التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَالْجَمْعُ، يَعْنِي جَمْعَ التَّكْسِيرِ لَا جَمْعَ السَّلَامَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ فَاعِلَيْنِ، وَمِثْلُ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ [2] :
وُقُوفًا بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيُّهُمْ ... يَقُولُونَ لَا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَلَّدِ
وَانْتِصَابُ «خُشَّعًا» عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ «يَخْرُجُونَ» ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «عَنْهُمْ» ، وَالْخُشُوعُ فِي الْبَصَرِ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ، وَأَضَافَ الْخُشُوعَ إِلَى الْأَبْصَارِ لِأَنَّ الْعِزَّ وَالذُّلَّ يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ أَيْ: يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُبُورِ، وَوَاحِدُ الْأَجْدَاثِ: جَدَثٌ، وَهُوَ الْقَبْرُ، كَأَنَّهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ وَاخْتِلَاطِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ، أَيْ: مُنْبَثٌّ فِي الْأَقْطَارِ، مُخْتَلِطٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ الْإِهْطَاعُ:
الْإِسْرَاعُ، أَيْ: قَالَ كَوْنُهُمْ مُسْرِعِينَ إِلَى الدَّاعِي، وَهُوَ إِسْرَافِيلُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بِدَجْلَةَ دَارُهُمْ وَلَقَدْ أَرَاهُمْ ... بِدَجْلَةَ مُهْطِعِينَ إِلَى السَّمَاعِ
أَيْ: مُسْرِعِينَ إِلَيْهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مُقْبِلِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: عَامِدِينَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: فَاتِحِينَ آذَانَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ، وَجُمْلَةُ يَقُولُ الْكافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ «مُهْطِعِينَ» ، وَالرَّابِطُ مُقَدَّرٌ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا يَكُونُ حِينَئِذٍ؟ وَالْعَسِرُ: الصَّعْبُ الشَّدِيدُ، وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى الْكُفَّارِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ بِشَدِيدٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ تَفْصِيلَ بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَنْبَاءِ الْمُجْمَلَةِ فَقَالَ: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ أَيْ:
كَذَّبُوا نَبِيَّهُمْ، وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ: فَكَذَّبُوا عَبْدَنا تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنَ التَّكْذِيبِ الْمُبْهَمِ، وَفِيهِ مَزِيدُ تَقْرِيرٍ وَتَأْكِيدٍ، أَيْ: فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا نُوحًا، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الرُّسُلَ، فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا نُوحًا بِتَكْذِيبِهِمْ لِلرُّسُلِ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى مُجَرَّدِ التَّكْذِيبِ فَقَالَ: وَقالُوا مَجْنُونٌ أَيْ: نَسَبُوا نُوحًا إِلَى الْجُنُونِ، وَقَوْلُهُ: وَازْدُجِرَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَالُوا، أَيْ: وَزُجِرَ عَنْ دَعْوَى النُّبُوَّةِ وَعَنْ تَبْلِيغِ مَا أُرْسِلَ بِهِ بِأَنْوَاعِ الزَّجْرِ، وَالدَّالُ بَدَلٌ مِنْ تَاءِ الِافْتِعَالِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَقِيلَ: إِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مجنون، أي: وقالوا إنه ازدجر، أَيِ: ازْدَجَرَتْهُ الْجِنُّ وَذَهَبَتْ بِلُبِّهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أخبر عنه بأنه انتهر وزجر بالسبّ وأنواع الْأَذَى. قَالَ الرَّازِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ

[1] هو الحرث بن دوس الإيادي، ويروى لأبي دؤاد الإيادي.
[2] البيت لطرفة بن العبد. انظر: شرح المعلقات السبع للزوزني ص (88) .
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست