responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 146
أَيْ: بِدَائِمٍ بَاقٍ، وَقِيلَ: مُسْتَمِرٌّ: بَاطِلٌ، رُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا. وَقِيلَ: يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَقِيلَ: قَدْ مَرَّ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْمَرَارَةِ، يُقَالُ: مَرَّ الشَّيْءُ صَارَ مُرًّا، أَيْ: مُسْتَبْشَعٌ عِنْدَهُمْ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ أَعْظَمُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الانشقاق قد كان كما قرّرناه سَابِقًا. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ تَكْذِيبَهُمْ فَقَالَ:
وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ أَيْ: وَكَذَّبُوا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا عَايَنُوا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ، وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَمَا زَيَّنَهُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ، وَجُمْلَةُ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ بُطْلَانِ مَا قَالُوهُ مِنَ التَّكْذِيبِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ، أَيْ: وَكُلُّ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ مُنْتَهٍ إِلَى غَايَةٍ، فَالْخَيْرُ يَسْتَقِرُّ بِأَهْلِ الْخَيْرِ، وَالشَّرُّ يَسْتَقِرُّ بِأَهْلِ الشَّرِّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ: يَسْتَقِرُّ قَرَارُ تَكْذِيبِهِمْ وَقَرَارُ قَوْلِ الْمُصَدِّقِينَ حَتَّى يَعْرِفُوا حَقِيقَتَهُ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ:
الْمَعْنَى لِكُلِّ أَمْرٍ حَقِيقَةٌ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا فَسَيَظْهَرُ، وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ فَسَيُعْرَفُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ:
مُسْتَقِرٌّ بِكَسْرِ الْقَافِ، وَهُوَ مُرْتَفِعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ «كُلُّ» . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِجَرِّ مُسْتَقِرٍّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِأَمْرٍ، وَقَرَأَ شَيْبَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ نَافِعٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ:
وَلَا وَجْهَ لَهَا، وَقِيلَ: لَهَا وَجْهٌ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَكُلُّ أَمْرٍ ذُو اسْتِقْرَارٍ، أَوْ زَمَانُ اسْتِقْرَارٍ، أَوْ مَكَانُ اسْتِقْرَارٍ، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، أَوْ ظَرْفُ زَمَانٍ، أَوْ ظَرْفُ مَكَانٍ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ أَيْ: وَلَقَدْ جَاءَ كَفَارَ مَكَّةَ، أَوِ الْكُفَّارَ عَلَى الْعُمُومِ مِنَ الْأَنْبَاءِ، وَهِيَ أَخْبَارُ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ الْمَقْصُوصَةُ عَلَيْنَا فِي الْقُرْآنِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ أَيِ: ازْدِجَارٌ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، يُقَالُ: زَجَرْتُهُ إِذَا نَهَيْتُهُ عَنِ السُّوءِ وَوَعَظْتُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمَ مَكَانٍ، وَالْمَعْنَى: جَاءَهُمْ مَا فِيهِ مَوْضِعُ ازْدِجَارٍ، أَيْ: أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ مَوْضِعٌ لِذَلِكَ، وَأَصْلُهُ مُزْتَجَرٌ، وَتَاءُ الِافْتِعَالِ تُقْلَبُ دَالًا مَعَ الزَّايِ وَالدَّالِ وَالذَّالِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ، وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ مُزَّجَرٌ بِقَلْبِ تَاءِ الِافْتِعَالِ زَايًا وَإِدْغَامِ الزَّايِ فِي الزَّايِ، وَ «مِنْ» فِي قَوْلِهِ: مِنَ الْأَنْباءِ لِلتَّبْعِيضِ، وَهِيَ وَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَارْتِفَاعُ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ «مَا» ، بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ، أَوْ بَدَلَ اشْتِمَالٍ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقُرْآنَ حِكْمَةٌ قَدْ بَلَغَتِ الْغَايَةَ، لَيْسَ فِيهَا نَقْصٌ وَلَا خَلَلٌ، وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهَا حَالٌ مِنْ «مَا» ، أَيْ: حَالَ كَوْنِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةً بَالِغَةً فَما تُغْنِ النُّذُرُ «مَا» يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ نَافِيَةً، أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ تُغْنِي النُّذُرُ؟ أَوْ: لَمْ تُغَنِ النُّذُرُ شَيْئًا، وَالْفَاءُ لِتَرْتِيبِ عَدَمِ الْإِغْنَاءِ عَلَى مَجِيءِ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ، وَالنُّذُرُ جَمْعُ نَذِيرٍ بِمَعْنَى الْمُنْذِرِ، أَوْ بِمَعْنَى الإنذار على أنه مصدر. ثم أمره الله سُبْحَانَهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ فَقَالَ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ أَيْ: أَعْرِضْ عَنْهُمْ حَيْثُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِمُ الْإِنْذَارُ، وهي منسوخة بآية السيف يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ انتصاب الظَّرْفُ إِمَّا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيِ: اذْكُرْ، وَإِمَّا بيخرجون الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ، وَإِمَّا بِقَوْلِهِ: فَما تُغْنِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ اعْتِرَاضٌ، أَوْ بِقَوْلِهِ: يَقُولُ الْكافِرُونَ أَوْ بِقَوْلِهِ: خُشَّعاً وَسَقَطَتِ الْوَاوُ مِنْ يَدْعُ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ، وَقَدْ وَقَعَتْ فِي الرَّسْمِ هَكَذَا وَحُذِفَتِ الْيَاءُ مِنَ الدَّاعِ لِلتَّخْفِيفِ وَاكْتِفَاءً بالكسرة، والداع هُوَ إِسْرَافِيلُ، وَالشَّيْءُ النُّكُرُ: الْأَمْرُ الْفَظِيعُ الَّذِي يُنْكِرُونَهُ اسْتِعْظَامًا لَهُ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الْعَهْدِ لَهُمْ بِمِثْلِهِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِضَمِّ الْكَافِ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِسُكُونِهَا تَخْفِيفًا. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى صِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست