responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 598
فِي بَطْنِهَا وَلَا تَضَعُ ذَلِكَ الْحَمْلَ إِلَّا بِعِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ، أَيْ: مَا يَحْدُثُ شَيْءٌ مِنْ خُرُوجِ ثَمَرَةٍ، وَلَا حَمْلِ حَامِلٍ، وَلَا وَضْعِ وَاضِعٍ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا كَائِنًا بِعِلْمِ اللَّهِ، فَإِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ كَمَا إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْ: يُنَادِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُشْرِكِينَ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ لَهُمْ: أَيْنَ شُرَكائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ شُرَكَائِي فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَصْنَامِ وَغَيْرِهَا فَادْعُوهُمُ الْآنَ فَلْيَشْفَعُوا لَكُمْ، أَوْ يَدْفَعُوا عَنْكُمُ الْعَذَابَ، وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ بِهِمْ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ شُرَكائِي بِسُكُونِ الْيَاءِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِفَتْحِهَا، وَالْعَامِلُ فِي يَوْمَ مَحْذُوفٌ، أَيِ: اذْكُرْ. قالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ يُقَالُ آذَنَ يَأْذَنُ: إِذَا أَعْلَمَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ
وَالْمَعْنَى: أَعْلَمْنَاكَ مَا مَنَّا أَحَدٌ يَشْهَدُ بِأَنَّ لَكَ شَرِيكًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا عَايَنُوا القيامة تبرؤوا مِنَ الشُّرَكَاءِ وَتَبَرَّأَتْ مِنْهُمْ تِلْكَ الْأَصْنَامُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا. وَقِيلَ: إِنَّ الْقَائِلَ بِهَذَا هِيَ الْمَعْبُودَاتُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا، أَيْ: مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ يَشْهَدُ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُحِقِّينَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ أَيْ: زَالَ وَبَطَلَ فِي الْآخِرَةِ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَصْنَامِ وَنَحْوِهَا وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ أَيْ: أَيْقَنُوا وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَا مَحِيصَ لَهُمْ، يُقَالُ حَاصَ يَحِيصُ حَيْصًا: إِذَا هَرَبَ. وَقِيلَ: الظَّنُّ على معناه الحقيقي لأنه لهم في تلك الحال ظَنٌّ وَرَجَاءٌ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ بَعْضَ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ فَقَالَ: لَا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ أَيْ: لَا يَمَلُّ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ لِنَفْسِهِ وَجَلْبِهِ إِلَيْهِ، وَالْخَيْرُ هُنَا: الْمَالُ وَالصِّحَّةُ وَالسُّلْطَانُ وَالرِّفْعَةُ. قَالَ السُّدِّيُّ: وَالْإِنْسَانُ هُنَا يُرَادُ بِهِ الْكَافِرُ، وَقِيلَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَقِيلَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَأُمَيَّةُ ابن خَلَفٍ. وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْعُمُومِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِيهِ خُرُوجُ خُلَّصِ الْعِبَادِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ من دعاء المال» وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ أَيْ: وَإِنْ مَسَّهُ الْبَلَاءُ، وَالشِّدَّةُ، وَالْفَقْرُ، والمرض فيؤوس مِنْ رَوْحِ اللَّهِ قَنُوطٌ مِنْ رَحْمَتِهِ. وَقِيلَ: يؤوس مِنْ إِجَابَةِ دُعَائِهِ قَنُوطٌ بِسُوءِ الظَّنِّ بِرَبِّهِ. وقيل: يؤوس مِنْ زَوَالِ مَا بِهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ، قَنُوطٌ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ ظَنِّ دَوَامِهِ، وَهُمَا صِيغَتَا مُبَالَغَةٍ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ شَدِيدُ الْيَأْسِ عَظِيمُ الْقُنُوطِ وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ أَيْ: وَلَئِنْ آتَيْنَاهُ خَيْرًا وَعَافِيَةً وَغِنًى، مِنْ بَعْدِ شِدَّةٍ وَمَرَضٍ وَفَقْرٍ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي أَيْ: هَذَا شَيْءٌ أَسْتَحِقُّهُ عَلَى اللَّهِ لِرِضَاهُ بِعَمَلِي، فَظَنَّ أَنَّ تِلْكَ النِّعْمَةَ الَّتِي صَارَ فِيهَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ لَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عِبَادَهُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ لِيَتَبَيَّنَ لَهُ الشَّاكِرُ مِنَ الْجَاحِدِ، وَالصَّابِرُ مِنَ الْجَزِعِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ هَذَا بِعَمَلِي، وَأَنَا مَحْقُوقٌ بِهِ وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً أَيْ: مَا أَظُنُّهَا تَقُومُ كَمَا يُخْبِرُنَا بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، أَوْ لَسْتُ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْبَعْثِ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ فِي صَدْرِ الْآيَةِ الْجِنْسَ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ أَفْرَادِهِ، لِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطَ مِنْ خَيْرِهِ، وَالشَّكَّ فِي الْبَعْثِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْكَافِرِينَ، أَوِ الْمُتَزَلْزِلِينَ فِي الدِّينِ الْمُتَظَهِّرِينَ بِالْإِسْلَامِ الْمُبْطِنِينَ لِلْكُفْرِ وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي عَلَى تَقْدِيرِ صِدْقِ مَا يُخْبِرُنَا بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ وَحُصُولِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى أَيْ: لَلْحَالَةُ الْحُسْنَى مِنَ الْكَرَامَةِ، فَظَنَّ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 598
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست