responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 595
بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، فَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى كُلِّ مَا تَعْمَلُونَ. قَالَ الزَّجَّاجُ لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ الْوَعِيدُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَخَبَرُ إِنَّ مَحْذُوفٌ، أَيْ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْقُرْآنِ لَمَّا جَاءَهُمْ يُجَازَوْنَ بِكُفْرِهِمْ، أَوْ هَالِكُونَ، أَوْ يُعَذَّبُونَ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُهُ: يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ وَهَذَا بَعِيدٌ وَإِنْ رَجَّحَهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنَّهُ سَدَّ مَسَدَّهُ الْخَبَرُ السَّابِقُ، وَهُوَ لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا وَقِيلَ: إِنَّ الْجُمْلَةَ بَدَلٌ مِنَ الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَهِيَ: الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا، وَخَبَرُ إِنَّ: هُوَ الْخَبَرُ السَّابِقُ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ أَيِ: الْقُرْآنُ الَّذِي كَانُوا يُلْحِدُونَ فِيهِ، أَيْ: عَزِيزٌ عَنْ أن يعارض أن يَطْعَنَ فِيهِ الطَّاعِنُونَ، مَنِيعٌ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ. ثُمَّ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ حَقٌّ لَا سَبِيلَ لِلْبَاطِلِ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَقَالَ: لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنْ أَنْ يُنْقَصَ مِنْهُ فَيَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، أَوْ يُزَادَ فِيهِ فَيَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ خَلْفِهِ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَمَعْنَى الْبَاطِلِ عَلَى هَذَا: الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لَا يَأْتِيهِ التَّكْذِيبُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي قَبْلَهُ، وَلَا يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِ كِتَابٌ فَيُبْطِلُهُ، وَبِهِ قَالَ الْكَلْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَقِيلَ: الْبَاطِلُ هُوَ الشَّيْطَانُ، أَيْ: لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ، وَلَا يَنْقُصَ مِنْهُ.
وَقِيلَ: لَا يُزَادُ فِيهِ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ، لَا مِنْ جِبْرِيلَ، وَلَا مِنْ محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ هُوَ خَبَرٌ مبتدأ مَحْذُوفٍ، أَوْ صِفَةٌ أُخْرَى لِكِتَابٍ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ تَقْدِيمَ غَيْرِ الصَّرِيحِ مِنَ الصِّفَاتِ عَلَى الصَّرِيحِ، وَقِيلَ:
إِنَّهُ الصِّفَةُ لِكِتَابٍ، وَجُمْلَةُ لَا يَأْتِيهِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَالصِّفَةِ، ثُمَّ سَلَّى سبحانه رسوله صلّى الله عليه وسلم عن مَا كَانَ يَتَأَثَّرُ لَهُ مِنْ أَذِيَّةِ الْكُفَّارِ فَقَالَ: مَا يُقالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ أَيْ: مَا يُقَالُ لَكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ مِنْ وَصْفِكَ بِالسِّحْرِ وَالْكَذِبِ وَالْجُنُونِ إِلَّا مِثْلُ مَا قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ، فَإِنَّ قَوْمَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَهُمْ مِثْلَ مَا يَقُولُ لَكَ هَؤُلَاءِ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: مَا يُقَالُ لَكَ مِنَ التَّوْحِيدِ وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ، فَإِنَّ الشَّرَائِعَ كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ اسْتِفْهَامٌ، أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ مَغْفِرَتَهُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ الَّذِينَ بَايَعُوكَ، وَبَايَعُوا مَنْ قَبْلَكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ لِلْكُفَّارِ الْمُكَذِّبِينَ الْمُعَادِينَ لِرُسُلِ اللَّهِ، وَقِيلَ: لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلْأَنْبِيَاءِ، وَذُو عِقَابٍ لِأَعْدَائِهِمْ وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا أي: لو جعلنا هذا القرآن الذي تقرؤه عَلَى النَّاسِ بِغَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ أَيْ: بُيِّنَتْ بِلُغَتِنَا فَإِنَّنَا عَرَبٌ لَا نَفْهَمُ لُغَةَ الْعَجَمِ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ:
ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ لِلْإِنْكَارِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ، أَيْ: لَقَالُوا أَكَلَامٌ أَعْجَمِيٌّ وَرَسُولٌ عَرَبِيٌّ.
وَالْأَعْجَمِيُّ: الَّذِي لَا يُفْصِحُ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ أَوْ مِنَ الْعَجَمِ. وَالْأَعْجَمُ ضِدُّ الْفَصِيحِ: وَهُوَ الَّذِي لَا يُبَيِّنُ كَلَامَهُ، وَيُقَالُ لِلْحَيَوَانِ غَيْرِ النَّاطِقِ: أَعْجَمٌ. قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ «ء أعجميّ» بِهَمْزَتَيْنِ مُحَقَّقَتَيْنِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ، وَهِشَامٌ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْخَبَرِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِتَسْهِيلِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ: هَلَّا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ فَجُعِلَ بَعْضُهَا أَعْجَمِيًّا لِإِفْهَامِ الْعَجَمِ، وَبَعْضُهَا عَرَبِيًّا لِإِفْهَامِ الْعَرَبِ. ثُمَّ أَمَرَ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبَهُمْ فَقَالَ: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ أَيْ: يَهْتَدُونَ بِهِ إِلَى الْحَقِّ، وَيَشْتَفُونَ بِهِ مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ، وَمِنَ الْأَسْقَامِ وَالْآلَامِ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 595
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست