responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 594
وَالْقَمَرِ، وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَسْجُدُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ لِأَنَّهُمَا مَخْلُوقَانِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ لَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ
أَيْ: خَلَقَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ، لِأَنَّ جَمْعَ مَا لَا يَعْقِلُ حُكْمُهُ حُكْمُ جَمْعِ الْإِنَاثِ، أَوِ الْآيَاتِ، أَوِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْعٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ قِيلَ: كَانَ نَاسٌ يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ كَالصَّابِئِينَ فِي عِبَادَتِهِمُ الْكَوَاكِبَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ بِالسُّجُودِ لَهُمَا السُّجُودَ لِلَّهِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، فَهَذَا وَجْهُ تَخْصِيصِ ذِكْرِ السُّجُودِ بِالنَّهْيِ عنه. وقيل: وجه تخصيصه أنه أَقْصَى مَرَاتِبِ الْعِبَادَةِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ آيَاتِ السجود بلا خلاف، وإنما اختلفوا في موضع السَّجْدَةِ، فَقِيلَ مَوْضِعُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالْأَمْرِ، وَقِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ لِأَنَّهُ تَمَامُ الْكَلَامِ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ أَيْ: إِنِ اسْتَكْبَرَ هَؤُلَاءِ عَنِ الِامْتِثَالِ فَالْمَلَائِكَةُ يُدِيمُونَ التَّسْبِيحَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَمَلُّونَ وَلَا يَفْتُرُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً الْخِطَابُ هُنَا لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ أَوْ لِرَسُولِ الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَالْخَاشِعَةُ: الْيَابِسَةُ الْجَدْبَةُ. وَقِيلَ: الْغَبْرَاءُ الَّتِي لَا تَنْبُتُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِذَا يَبِسَتِ الْأَرْضُ وَلَمْ تُمْطِرْ قِيلَ: قَدْ خَشَعَتْ فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ أَيْ: مَاءَ الْمَطَرِ، وَمَعْنَى اهْتَزَّتْ:
تَحَرَّكَتْ بِالنَّبَاتِ، يُقَالُ اهْتَزَّ الْإِنْسَانُ: إِذَا تَحَرَّكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَرَاهُ كَنَصْلِ السَّيْفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدَى ... إِذَا لَمْ تَجِدْ عِنْدَ امْرِئِ السُّوءِ مَطْعَمَا
وَمَعْنَى رَبَتْ: انْتَفَخَتْ وَعَلَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ، وَعَلَى هَذَا فَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَتَقْدِيرُهُ: رَبَتْ وَاهْتَزَّتْ، وَقِيلَ: الِاهْتِزَازُ وَالرَّبْوُ قَدْ يَكُونَانِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّبَاتِ، وَقَدْ يَكُونَانِ بَعْدَهُ، وَمَعْنَى الرَّبْوِ لُغَةً: الِارْتِفَاعُ، كَمَا يُقَالُ لِلْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ: رَبْوَةٌ وَرَابِيَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ الْحَجِّ، وَقِيلَ: اهْتَزَّتِ اسْتَبْشَرَتْ بِالْمَطَرِ، وَرَبَتِ: انْتَفَخَتْ بِالنَّبَاتِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَخَالِدٌ «وربأت» إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ كَائِنًا مَا كَانَ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا أَيْ: يَمِيلُونَ عَنِ الْحَقِّ، وَالْإِلْحَادُ: الْمَيْلُ وَالْعُدُولُ، وَمِنْهُ اللَّحْدُ فِي الْقَبْرِ: لِأَنَّهُ أُمِيلَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ، يُقَالُ أَلْحَدَ فِي دِينِ اللَّهِ: أَيْ مَالَ وَعَدَلَ عَنْهُ، وَيُقَالُ لَحَدَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْإِلْحَادِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَى الْآيَةِ يَمِيلُونَ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَمِيلُونَ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ بِالْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ، وَاللَّغْوِ وَالْغِنَاءِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: يَكْذِبُونَ فِي آيَاتِنَا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: يُعَانِدُونَ وَيُشَاقُّونَ. قال ابْنُ زَيْدٍ يُشْرِكُونَ لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا بَلْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ فَنُجَازِيهِمْ بِمَا يَعْمَلُونَ. ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الْجَزَاءِ وَالتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فَقَالَ أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُلْحِدِينَ فِي الْآيَاتِ يُلْقَوْنَ فِي النَّارِ، وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا يَأْتُونَ آمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْعُمُومُ اعْتِبَارًا بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ: أَبُو جَهْلٍ، وَمَنْ يَأْتِي آمِنًا:
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: حَمْزَةُ، وَقِيلَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَقِيلَ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ هَذَا أَمْرُ تَهْدِيدٍ، أَيِ: اعْمَلُوا مِنْ أَعْمَالِكُمُ الَّتِي تُلْقِيكُمْ فِي النَّارِ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 594
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست