responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 392
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «الْكَلِمُ» وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ «الْكَلَامُ» وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ» بِالرَّفْعِ عَلَى الْعَطْفِ أَوْ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاشْتِغَالِ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ انْتِصَابُ السَّيِّئَاتِ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: يَمْكُرُونَ الْمَكْرَاتِ السَّيِّئَاتِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ «مَكَرَ» لَازِمٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُضَمَّنَ يَمْكُرُونَ: مَعْنَى يَكْسِبُونَ، فَتَكُونُ السَّيِّئَاتُ مَفْعُولًا بِهِ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ هُمْ أَهْلُ الرِّيَاءِ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هُمُ الَّذِينَ مكروا بالنبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ لَمَّا اجْتَمَعُوا فِي دَارِ النَّدْوَةِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
هُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَمَعْنَى: لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ لَهُمْ عَذَابٌ بَالِغُ الْغَايَةِ فِي الشِّدَّةِ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ أَيْ: يَبْطُلُ وَيَهْلِكُ، ومنه وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً وَالْمَكْرُ فِي الْأَصْلِ: الْخَدِيعَةُ وَالِاحْتِيَالُ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: إِلَى الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِ مَكْرِهِمْ، وَجُمْلَةُ: هُوَ يَبُورُ خَبَرُ مَكْرُ أُولَئِكَ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ دَلِيلًا آخَرَ عَلَى الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ فَقَالَ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ أَيْ: خَلَقَكُمُ ابْتِدَاءً فِي ضِمْنِ خَلْقِ أَبِيكُمْ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
يَعْنِي آدَمَ، وَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا: خَلَقَ أَبَاكُمُ الْأَوَّلَ، وَأَصْلَكُمُ الَّذِي تَرْجِعُونَ إِلَيْهِ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ أَخْرَجَهَا مِنْ ظَهْرِ آبَائِكُمْ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً أَيْ: زَوَّجَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ، فَالذَّكَرُ زَوْجُ الْأُنْثَى، أَوْ جَعَلَكُمْ أَصْنَافًا ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ أَيْ: لَا يَكُونُ حَمْلٌ وَلَا وَضْعٌ إِلَّا وَاللَّهُ عَالِمٌ بِهِ، فَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ عِلْمِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ أَيْ: مَا يُطَوَّلُ عُمُرُ أَحَدٍ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ، أَيْ: فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ آخَرَ غَيْرَ الْأَوَّلِ، فَكَنَّى عَنْهُ بِالضَّمِيرِ كَأَنَّهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ لَفْظَ الثَّانِي لَوْ ظَهَرَ كَانَ كَالْأَوَّلِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِ مُعَمَّرٍ، فَالْكِنَايَةُ فِي عُمُرِهِ تَرْجِعُ إِلَى آخَرَ غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ: أَيْ نِصْفٌ آخَرُ.
قِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ مُعَمَّرًا بِاعْتِبَارِ مَصِيرِهِ إِلَيْهِ. وَالْمَعْنَى: وَمَا يُمَدُّ فِي عُمُرِ أَحَدٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِ أَحَدٍ، لَكِنْ لَا عَلَى مَعْنَى لَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ زَائِدًا، بَلْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ مِنَ الِابْتِدَاءِ نَاقِصًا إِلَّا وَهُوَ فِي كِتَابٍ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ إِلَّا كُتِبَ عُمُرُهُ: كَمْ هُوَ سَنَةً، كَمْ هُوَ شَهْرًا، كَمْ هُوَ يَوْمًا، كَمْ هُوَ سَاعَةً، ثُمَّ يُكْتَبُ فِي كِتَابٍ آخَرَ نُقِصَ مِنْ عُمُرِهِ سَاعَةٌ، نُقِصَ مِنْ عُمُرِهِ يَوْمٌ، نُقِصَ مِنْ عُمُرِهِ شَهْرٌ، نُقِصَ مِنْ عُمُرِهِ سَنَةٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أَجَلَهُ، فَمَا مَضَى مِنْ أَجَلِهِ فَهُوَ النُّقْصَانُ، وَمَا يُسْتَقْبَلُ، هو الَّذِي يُعَمَّرُهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمُعَمَّرُ مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً، وَالْمَنْقُوصُ مِنْ عُمُرِهِ مَنْ يَمُوتُ قَبْلَ سِتِّينَ سَنَةً. وَقِيلَ الْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ عُمُرَ الْإِنْسَانِ كَذَا إِنْ أَطَاعَ، وَدَوَّنَهُ إِنْ عَصَى فَأَيُّهَمَا بَلَغَ فَهُوَ فِي كِتَابٍ، وَالضَّمِيرُ عَلَى هَذَا يَرْجِعُ إِلَى مُعَمَّرٍ.
وَقِيلَ الْمَعْنَى: وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ إِلَى الْهَرَمِ، وَلَا يُنْقَصُ آخَرُ مِنْ عُمُرِ الْهَرَمِ إِلَّا فِي كِتَابٍ، أَيْ: بِقَضَاءِ اللَّهِ قَالَهُ الضَّحَّاكُ، وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ. قَالَ: وَهُوَ أَشْبَهُهَا بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ أَنَّ تَطْوِيلَ الْعُمُرِ وَتَقْصِيرَهُ: هُمَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ لِأَسْبَابٍ تَقْتَضِي التَّطْوِيلَ، وَأَسْبَابٍ تَقْتَضِي التَّقْصِيرَ.
فَمِنْ أَسْبَابِ التَّطْوِيلِ: مَا وَرَدَ فِي صِلَةِ الرَّحِمِ عن النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَمِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ الِاسْتِكْثَارُ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا كَانَ الْعُمُرُ الْمَضْرُوبُ لِلرَّجُلِ مَثَلًا سَبْعِينَ سَنَةً، فَقَدْ يَزِيدُ اللَّهُ لَهُ عَلَيْهَا إِذَا فَعَلَ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 392
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست