responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 391
لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيْتٍ ... إِنَّمَا الْمَيْتُ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ «1»
فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ أَيْ: أَحْيَيْنَا بِالْمَطَرِ الْأَرْضَ بِإِنْبَاتٍ مَا يَنْبُتُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ الْمَطَرِ فَالسَّحَابُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، أَوْ أَحْيَيْنَا بِالسَّحَابِ، لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمَطَرِ بَعْدَ مَوْتِها أَيْ: بَعْدَ يُبْسِهَا، اسْتَعَارَ الْإِحْيَاءَ لِلنَّبَاتِ وَالْمَوْتَ لِلْيُبْسِ كَذلِكَ النُّشُورُ أَيْ: كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْعِبَادَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ كَمَا أَحْيَا الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَالنُّشُورُ: الْبَعْثُ، مِنْ نَشَرَ الْإِنْسَانَ نُشُورًا، وَالْكَافُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ، أَيْ: مِثْلُ إِحْيَاءِ مَوَاتِ الْأَرْضِ إِحْيَاءُ الْأَمْوَاتِ، فَكَيْفَ تُنْكِرُونَهُ وَقَدْ شَاهَدْتُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ مَا هو مثله وشبيه بِهِ مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ قَالَ الْفَرَّاءُ: معناه من كان يريد عَلِمَ الْعِزَّةَ لِمَنْ هِيَ؟ فَإِنَّهَا لِلَّهِ جَمِيعًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلْيَتَعَزَّزْ بِطَاعَةِ اللَّهِ، فَجَعَلَ مَعْنَى فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ: الدُّعَاءَ إِلَى طَاعَةِ مَنْ لَهُ الْعِزَّةُ، كَمَا يُقَالُ مَنْ أَرَادَ الْمَالَ فَالْمَالُ لِفُلَانٍ، أَيْ: فَلْيَطْلُبْهُ مِنْ عِنْدِهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تَقْدِيرُهُ مَنْ كَانَ يريد بعباده الْعِزَّةَ، وَالْعِزَّةُ لَهُ سُبْحَانَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعِزُّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ الْمُشْرِكُونَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَعَزَّزُونَ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ: كَقَوْلِهِ: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا [2] وَقِيلَ الْمُرَادُ: الَّذِينَ كَانُوا يَتَعَزَّزُونَ بِهِمْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ [3] الْآيَةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً أَيْ: فَلْيَطْلُبْهَا مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ: أن من كان يريد العزّة ويطلبها مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا، لَيْسَ لِغَيْرِهِ مِنْهَا شَيْءٌ، فَتَشْمَلُ الْآيَةُ كُلَّ مَنْ طَلَبَ الْعِزَّةَ، وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ بِهَا التَّنْبِيهَ لِذَوِي الْأَقْدَارِ وَالْهِمَمِ مِنْ أَيْنَ تُنَالُ الْعِزَّةُ، وَمِنْ أَيِّ جِهَةٍ تُطْلَبُ؟ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ أَيْ: إِلَى اللَّهِ يَصْعَدُ لَا إِلَى غَيْرِهِ، وَمَعْنَى صُعُودِهِ إِلَيْهِ: قَبُولُهُ لَهُ، أَوْ صُعُودُ الْكَتَبَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِمَا يَكْتُبُونَهُ مِنَ الصُّحُفِ، وَخَصَّ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ بِالذِّكْرِ لِبَيَانِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ كلام يتصف بكونه طيبا من ذكر الله، وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، وَتِلَاوَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، أَوْ بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِصُعُودِهِ: صُعُودُهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِصُعُودِهِ:
عِلْمُ اللَّهِ بِهِ، وَمَعْنَى: وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ، كَمَا قَالَ الْحَسَنُ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالضَّحَّاكُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ إِلَّا مَعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَقِيلَ إِنَّ فَاعِلَ يَرْفَعُهُ: هُوَ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَمَفْعُولَهُ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مَعَ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ. وَقِيلَ: إِنَّ فَاعِلَ يَرْفَعُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَالْمَعْنَى:
أَنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ عَلَى الْكَلِمِ الطَّيِّبِ، لِأَنَّ الْعَمَلَ يُحَقِّقُ الْكَلَامَ. وَقِيلَ: وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ الْعِزَّةَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لِصَاحِبِهِ، أَيْ: يَقْبَلُهُ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ:
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ عَلَى هَذَا: مُبْتَدَأً، خَبَرُهُ: يَرْفَعُهُ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَرْفَعُ صَاحِبَهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ «يَصْعَدُ» مِنْ صَعِدَ الثلاثي. «والكلم الطَّيِّبُ» بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ. وَقَرَأَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ «يُصْعَدُ» بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ مِنْ أَصْعَدَ، «وَالْكَلِمَ الطَّيِّبَ» بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ على البناء للمفعول،

(1) . البيت لعدي بن الرعلاء.
[2] مريم: 81.
[3] النساء: 39.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 391
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست