responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 259
الدِّينَ، وَاتَّبِعْ فِطْرَةَ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هِيَ مَصْدَرٌ مِنْ مَعْنَى «فَأَقِمْ وَجْهَكَ» لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: فِطْرَةُ اللَّهِ النَّاسَ عَلَى الدِّينِ، وَقِيلَ: هِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْإِغْرَاءِ، أَيِ: الْزَمُوا فِطْرَةَ اللَّهِ، أَوْ عَلَيْكُمْ فِطْرَةَ اللَّهِ، وَرَدَّ هَذَا الْوَجْهَ أَبُو حَيَّانَ وَقَالَ: إِنَّ كَلِمَةَ الْإِغْرَاءِ لَا تُضْمَرُ إِذْ هِيَ عِوَضٌ عَنِ الْفِعْلِ، فَلَوْ حَذَفَهَا لَزِمَ حَذْفُ الْعِوَضِ، وَالْمُعَوَّضُ عَنْهُ، وَهُوَ إِجْحَافٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا رَأْيُ الْبَصْرِيِّينَ، وَأَمَّا الْكِسَائِيُّ وَأَتْبَاعُهُ، فَيُجِيزُونَ ذَلِكَ. وَجُمْلَةُ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَمْرِ بِلُزُومِ الْفِطْرَةِ، أَيْ: هَذِهِ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ. وَقِيلَ: هُوَ نَفْيٌ مَعْنَاهُ النَّهْيُ، أَيْ: لَا تُبَدِّلُوا خَلْقَ اللَّهِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: مَعْنَاهُ لَا تَبْدِيلَ لِدِينِ اللَّهِ. قَالَ قَتَادَةُ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ: هَذَا فِي الْمُعْتَقَدَاتِ. وَقَالَ عكرمة: إن المعنى لا تغيير لخلق الله فِي الْبَهَائِمِ بِأَنْ تُخْصَى فَحُولُهَا ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أَيْ: ذَلِكَ الدِّينُ الْمَأْمُورُ بِإِقَامَةِ الْوَجْهِ لَهُ هُوَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، أَوْ لُزُومُ الْفِطْرَةِ: هُوَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ حَتَّى يَفْعَلُوهُ وَيَعْمَلُوا بِهِ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ أَيْ: رَاجِعِينَ إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ، وَالْإِخْلَاصِ، وَمُطِيعِينَ لَهُ فِي أَوَامِرِهِ، وَنَوَاهِيهِ. وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ:
فَإِنْ تَابُوا فَإِنَّ بَنِي سُلَيْمٍ ... وَقَوْمَهُمْ هَوَازِنَ قَدْ أَنَابُوا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَنَابَ إِلَى اللَّهِ: أَقْبَلَ وَتَابَ، وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ أَقِمْ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: لِأَنَّ مَعْنَى أَقِمْ وَجْهَكَ: أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى فَأَقِمْ وَجْهَكَ، وَمَنْ مَعَكَ مُنِيبِينَ، وَكَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَقَالَ تَقْدِيرُهُ: فَأَقِمْ وَجْهَكَ، وَأُمَّتَكَ، فَالْحَالُ مِنَ الْجَمِيعِ. وَجَازَ حَذْفُ الْمَعْطُوفِ لِدَلَالَةِ مُنِيبِينَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ:
هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ، وَقِيلَ: عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لَكَانَ مَحْذُوفَةً، أَيْ: وَكُونُوا مُنِيبِينَ إِلَيْهِ لِدَلَالَةِ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ أَمَرَهُمْ سُبْحَانَهُ بِالتَّقْوَى بَعْدَ أَمْرِهِمْ بِالْإِنَابَةِ، فَقَالَ: وَاتَّقُوهُ أَيْ: بِاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ نَاصِبًا لِمُنِيبِينَ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ الَّتِي أُمِرْتُمْ بِهَا وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ. وَقَوْلُهُ: مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً هُوَ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِإِعَادَةِ الْجَارِ، وَالشِّيَعُ: الْفِرَقُ، أَيْ: لَا تَكُونُوا مِنَ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا فِرَقًا فِي الدِّينِ، يُشَايِعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ: وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ شِيَعًا: الْيَهُودُ والنصارى. وقرأ حمزة والكسائي «فارقوا دَيْنَهُمْ» وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَيْ: فَارَقُوا دِينَهُمُ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ أَيْ: كُلِّ فَرِيقٍ بِمَا لَدَيْهِمْ مِنَ الدِّينِ الْمَبْنِيِّ عَلَى غَيْرِ الصَّوَابِ، مَسْرُورُونَ مُبْتَهِجُونَ، يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا» مُسْتَأْنَفًا، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِمَا قَبْلَهُ وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ أَيْ: قَحْطٌ وَشِدَّةٌ دَعَوْا رَبَّهُمْ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَاسْتَغَاثُوا بِهِ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ أَيْ: رَاجِعِينَ إِلَيْهِ مُلْتَجِئِينَ بِهِ لَا يُعَوِّلُونَ عَلَى غَيْرِهِ، وَقِيلَ: مُقْبِلِينَ عَلَيْهِ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً بِإِجَابَةِ دُعَائِهِمْ، وَرَفْعِ تِلْكَ الشَّدَائِدِ عَنْهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ إِذَا: هِيَ الْفُجَائِيَّةُ، وَقَعَتْ جَوَابَ الشَّرْطِ لِأَنَّهَا كَالْفَاءِ فِي إِفَادَةِ التَّعْقِيبِ، أَيْ: فَاجَأَ فَرِيقٌ مِنْهُمُ الْإِشْرَاكَ، وَهُمُ الَّذِينَ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست