responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 174
يَسْمَعُ الدُّعَاءَ إِذَا كَانَ مُقْبِلًا، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مُعْرِضًا عَنْهُ مُوَلِّيًا مُدْبِرًا. وَظَاهِرُ نَفْيِ إِسْمَاعِ الْمَوْتَى الْعُمُومُ، فَلَا يُخَصُّ مِنْهُ إِلَّا مَا وَرَدَ بِدَلِيلٍ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أنه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ خَاطَبَ الْقَتْلَى فِي قُلَيْبِ بَدْرٍ، فَقِيلَ له: يا رسول الله! إنما تكلم أجساد لَا أَرْوَاحَ لَهَا، وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِ الْمُشَيِّعِينَ لَهُ إِذَا انْصَرَفُوا.
وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ «لَا يَسْمَعُ» بِالتَّحْتِيَّةِ مَفْتُوحَةٌ وَفَتْحُ الْمِيمِ، وَفَاعِلُهُ الصُّمُّ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «تُسْمِعُ» بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ أَسْمَعَ. قَالَ قَتَادَةُ الْأَصَمُّ إِذَا وَلَّى مُدْبِرًا ثُمَّ نَادَيْتَهُ لَمْ يَسْمَعْ، كَذَلِكَ الْكَافِرُ لَا يَسْمَعُ مَا يُدْعَى إِلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ. ثُمَّ ضَرَبَ الْعَمَى مَثَلًا لَهُمْ فَقَالَ: وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ أَيْ: مَا أَنْتَ بِمُرْشِدِ مَنْ أَعْمَاهُ اللَّهُ عَنِ الْحَقِّ إِرْشَادًا يُوصِّلُهُ إِلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهُ وَهُوَ الْإِيمَانُ، وَلَيْسَ فِي وُسْعِكَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [1] قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِإِضَافَةِ هَادِي إِلَى الْعُمْيِ.
وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ وَأَبُو حَيَّانَ «بِهَادٍ الْعُمْيَ» بِتَنْوِينِ هَادٍ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ «تَهْدِي» فِعْلًا مُضَارِعًا، وَفِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ «وَمَا أَنْ تَهْدِيَ الْعُمْيَ» إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا أَيْ: مَا تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ لَا مَنْ يَكْفُرُ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ يُؤْمِنُ بِالْآيَاتِ مَنْ يُصَدِّقُ الْقُرْآنَ، وَجُمْلَةُ فَهُمْ مُسْلِمُونَ تَعْلِيلٌ لِلْإِيمَانِ، أَيْ: فَهُمْ مُنْقَادُونَ مُخْلِصُونَ. ثُمَّ هَدَّدَ الْعِبَادَ بِذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَأَهْوَالِهَا: فَقَالَ: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى وُقُوعِ الْقَوْلِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ قَتَادَةُ: وَجَبَ الْغَضَبُ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَقَّ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، وَقِيلَ: حَقَّ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: وَجَبَ السُّخْطُ، وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْقَوْلِ مَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ مَجِيءِ السَّاعَةِ، وَمَا فِيهَا مِنْ فُنُونِ الْأَهْوَالِ الَّتِي كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَهَا، وَقِيلَ: وَقَعَ الْقَوْلُ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ وَذَهَابِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ. والحاصل أن المراد بوقع:
وَجَبَ، وَالْمُرَادُ بِالْقَوْلِ: مَضْمُونُهُ، أَوْ أُطْلِقَ الْمَصْدَرُ على المفعول، أي: القول، وَجَوَابُ الشَّرْطِ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ.
وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الدَّابَّةِ عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: إِنَّهَا فَصِيلُ نَاقَةِ صَالِحٍ يَخْرُجُ عِنْدَ اقْتِرَابِ الْقِيَامَةِ وَيَكُونُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ. وَقِيلَ: هِيَ دَابَّةٌ ذَاتُ شَعْرٍ، وَقَوَائِمَ طِوَالٍ، يُقَالُ لَهَا الْجَسَّاسَةُ. وَقِيلَ: هِيَ دَابَّةٌ عَلَى خِلْقَةِ بَنِي آدَمَ، وَهِيَ فِي السَّحَابِ وَقَوَائِمُهَا فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ: رَأَسُهَا رَأْسُ ثَوْرٍ، وَعَيْنُهَا عَيْنُ خِنْزِيرٍ، وَأُذُنُهَا أُذُنُ فِيلٍ، وَقَرْنُهَا قَرْنُ إِيَّلٍ، وَعُنُقُهَا عُنُقُ نَعَامَةٍ، وَصَدْرُهَا صَدْرُ أَسَدٍ، وَلَوْنُهَا لَوْنُ نَمِرٍ وَخَاصِرَتُهَا خَاصِرَةُ هِرٍّ، وَذَنَبُهَا ذَنَبُ كَبْشٍ، وَقَوَائِمُهَا قَوَائِمُ بَعِيرٍ، بَيْنَ كُلِّ مِفْصَلٍ وَمِفْصَلٍ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا. وَقِيلَ: هِيَ الثُّعْبَانُ الْمُشْرِفُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ الَّتِي اقْتَلَعَهَا الْعُقَابُ، حِينَ أَرَادَتْ قُرَيْشٌ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَقِيلَ: هِيَ دَابَّةٌ مَا لَهَا ذَنَبٌ وَلَهَا لِحْيَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ إِنْسَانٌ نَاطِقٌ مُتَكَلِّمٌ يُنَاظِرُ أَهْلَ البدع ويراجع الكفار، وقيل: غير ذلك ممالا فَائِدَةَ فِي التَّطْوِيلِ بِذِكْرِهِ، وَقَدْ رَجَّحَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ.
وَاخْتُلِفَ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ تَخْرُجُ؟ فَقِيلَ: مِنْ جَبَلِ الصَّفَا بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: تَخْرُجُ مِنْ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ. وَقِيلَ:

[1] القصص: 56.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست