responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 173
قَالَ الْفَرَّاءُ: رَدِفَ لَكُمْ: دَنَا لَكُمْ وَلِهَذَا قِيلَ لَكُمْ. وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ «رَدَفَ لَكُمْ» بِفَتْحِ الدَّالِّ وَهِيَ لُغَةٌ، وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ «أَزِفَ لَكُمْ» وَارْتِفَاعُ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ أَيْ: عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ رَدِفَ، وَالْمُرَادُ: بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَهُ مِنَ الْعَذَابِ، أَيْ: عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ قَرُبَ، وَدَنَا، وَأَزِفَ بَعْضُ ذَلِكَ، قِيلَ: هُوَ عَذَابُهُمْ بِالْقَتْلِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقِيلَ: هُوَ عَذَابُ الْقَبْرِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ فَضْلَهُ فِي تَأْخِيرِ الْعَذَابِ فَقَالَ: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ فِي تَأْخِيرِ الْعُقُوبَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ تُحْمَلَ الْآيَةُ عَلَى الْعُمُومِ وَيَكُونُ تَأْخِيرُ الْعُقُوبَةِ مِنْ جُمْلَةِ أَفْضَالِهِ سُبْحَانَهُ وَإِنْعَامِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ فَضْلَهُ وَإِنْعَامَهُ وَلَا يَعْرِفُونَ حَقَّ إِحْسَانِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي صُدُورِهِمْ، فَقَالَ: وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ أَيْ:
مَا تُخْفِيهِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ «تُكِنُّ» بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ أَكَنَّ. وَقَرَأَ ابن محيصن وابن السميقع وَحُمَيْدٌ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْكَافِ، يُقَالُ كَنَنْتُهُ: بِمَعْنَى سَتَرْتُهُ، وَخَفَيْتُ أَثَرَهُ وَما يُعْلِنُونَ وَمَا يُظْهِرُونَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَا مِنْ شَيْءٍ غَائِبٍ، وَأَمْرٍ يَغِيبُ عَنِ الْخَلْقِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ، إِلَّا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي اللوح المحفوظ، وغائبة: هي من الصفات الغالبة، وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. قَالَ الْحَسَنُ: الْغَائِبَةُ هُنَا: هِيَ الْقِيَامَةُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: عِلْمُ مَا يَسْتَعْجِلُونَ مِنَ الْعَذَابِ هُوَ مُبَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَإِنْ غَابَ عَنِ الْخَلْقِ. وَقَالَ ابْنُ شَجَرَةَ: الْغَائِبَةُ هُنَا جَمِيعُ مَا أَخْفَى اللَّهُ عَنْ خَلْقِهِ، وَغَيْبُهُ عَنْهُمْ مُبَيَّنٌ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، فَكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ ما يستعجلونه من العذاب، فإنه موقت بِوَقْتٍ، وَمُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ عِلْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُونَهُ قَبْلَ أَجْلِهِ الْمَضْرُوبِ لَهُ؟ إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ تَفَرَّقُوا فِرَقًا، وَتَحَزَّبُوا أَحْزَابًا، يَطْعَنُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيَتَبَرَّأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ مُبَيِّنًا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَلَوْ أُخِذُوا بِهِ لَوَجَدُوا فِيهِ مَا يَرْفَعُ اخْتِلَافَهُمْ، وَيَدْفَعُ تَفَرُّقَهُمْ وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ أَيْ: وَإِنَّ الْقُرْآنَ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَتَابَعَ رَسُولَهُ، وَخَصَّ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ، وَمِنْ جَمْلَتِهِمْ مَنْ آمَنَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ أَيْ: يَقْضِي بين المختلفين من بين إِسْرَائِيلَ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ، فَيُجَازِي الْمُحِقَّ، وَيُعَاقِبُ الْمُبْطِلَ، وَقِيلَ: يَقْضِي بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَيُظْهِرُ مَا حَرَّفُوهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِحُكْمِهِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ. وَقَرَأَ جَنَاحٌ بِكَسْرِهَا وَفَتَحِ الْكَافِ، جَمْعُ حِكْمَةٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يُغَالَبُ، وَالْعَلِيمُ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ، أَوِ الْكَثِيرُ الْعِلْمِ، ثُمَّ أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ بِالتَّوَكُّلِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ، فَقَالَ: فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَالْفَاءُ لِتَرْتِيبِ الْأَمْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَالْمَعْنَى: فَوِّضْ إِلَيْهِ أَمْرَكَ، وَاعْتَمَدْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ نَاصِرُكَ. ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِعِلَّتَيْنِ: الْأُولَى قَوْلُهُ: إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ أَيِ: الظَّاهِرُ، وَقِيلَ: الْمَظْهِرُ. وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتى لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّ حَالَهُمْ كَحَالِ الْمَوْتَى فِي انْتِفَاءِ الْجَدْوَى بِالسَّمَاعِ، أَوْ كَحَالِ الصُّمِّ الَّذِينَ لَا يَسْمَعُونَ، وَلَا يَفْهَمُونَ، وَلَا يَهْتَدُونَ صَارَ ذَلِكَ سَبَبًا قَوِيًّا فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِمْ، شَبَّهَ الْكُفَّارَ بِالْمَوْتَى الَّذِينَ لَا حِسَّ لَهُمْ وَلَا عَقْلَ، وَبِالصُّمِّ الَّذِينَ لَا يَسْمَعُونَ الْمَوَاعِظَ، وَلَا يُجِيبُونَ الدُّعَاءَ إِلَى اللَّهِ. ثُمَّ ذَكَرَ جُمْلَةً لِتَكْمِيلِ التَّشْبِيهِ، وَتَأْكِيدِهِ فَقَالَ: إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ أَيْ: إِذَا أَعْرَضُوا عَنِ الْحَقِّ إِعْرَاضًا تَامًّا، فَإِنَّ الْأَصَمَّ لَا

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست