responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 541
بِالْمُثَلَّثَةِ فَعُرِّبَتْ، وَالْمَسَاجِدُ هِيَ مَسَاجِدُ الْمُسْلِمِينَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَوْلَا هَذَا الدَّفْعُ لَهُدِّمَتْ فِي زَمَنِ مُوسَى الْكَنَائِسُ، وَفِي زَمَنِ عِيسَى الصَّوَامِعُ وَالْبِيَعُ، وَفِي زَمَنِ مُحَمَّدٍ الْمَسَاجِدُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هَذَا أَصْوَبُ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ ظُلْمَ الظَّلَمَةِ بِعَدْلِ الْوُلَاةِ وَقِيلَ: لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ الْعَذَابَ بِدُعَاءِ الْأَخْيَارِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَالصَّوَامِعُ: جَمْعُ صَوْمَعَةٍ، وَهِيَ بِنَاءٌ مُرْتَفِعٌ، يُقَالُ: صَمَعَ الثَّرِيدَةَ إذا رفّع رأسها، ورجل أَصْمَعَ الْقَلْبِ: أَيْ حَادَّ الْفِطْنَةِ، وَالْأَصْمَعُ مِنَ الرِّجَالِ: الْحَدِيدُ الْقَوْلِ، وَقِيلَ: الصَّغِيرُ الْأُذُنِ. ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤَذَّنُ عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي صَلَوَاتٌ تِسْعَ قِرَاءَاتٍ، وَوَجْهُ تَقْدِيمِ مَوَاضِعِ عِبَادَاتِ أَهْلِ الْمِلَلِ عَلَى مَوْضِعِ عِبَادَةِ الْمُسْلِمِينَ كَوْنُهَا أَقْدَمَ بِنَاءً وَأَسْبَقَ وُجُودًا. وَالظَّاهِرُ مِنَ الْهَدْمِ الْمَذْكُورِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ، وَهُوَ تُعَطُّلُهَا مِنَ الْعِبَادَةِ، وَقُرِئَ «لَهُدِّمَتْ» بِالتَّشْدِيدِ، وَانْتِصَابُ كَثِيرًا فِي قَوْلِهِ: يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: ذِكْرًا كَثِيرًا، أَوْ وَقْتًا كَثِيرًا، وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِلْمَسَاجِدِ، وَقِيلَ: لِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ اللَّامُ هِيَ جَوَابٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَاللَّهِ لَيَنْصُرُ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَنْصُرُ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُ دِينَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ، وَالْقَوِيُّ: الْقَادِرُ عَلَى الشَّيْءِ، وَالْعَزِيزُ: الْجَلِيلُ الشَّرِيفُ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَقِيلَ: الْمُمْتَنِعُ الَّذِي لَا يُرَامُ وَلَا يُدَافَعُ وَلَا يُمَانَعُ، وَالْمَوْصُولُ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ صِفَةٌ لِمَنْ فِي قَوْلِهِ مَنْ يَنْصُرُهُ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ «لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ» . وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَقِيلَ: أَهْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَقِيلَ: وُلَاةُ الْعَدْلِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَفِيهِ إِيجَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى مَنْ مَكَّنَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ وَأَقْدَرَهُ عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْآيَةِ، وَمَعْنَى وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أَنَّ مَرْجِعَهَا إِلَى حُكْمِهِ وَتَدْبِيرِهِ دُونَ غَيْرِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أُخْرِجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجُوا نبيهم: إنّا لله وإنا إليه راجعون، لَيَهْلِكَنَّ الْقَوْمُ، فَنَزَلَتْ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَلَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، انْتَهَى. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ أَيْ: مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، يَعْنِي مُحَمَّدًا صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْآيَةُ بَعْدَهَا، أخرجنا من ديارنا بغير حق، ثم مكّنّا في الأرض، فأقمنا الصَّلَاةَ، وَآتَيْنَا الزَّكَاةَ، وَأَمَرْنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْنَا عَنِ الْمُنْكَرِ، فَهِيَ لِي وَلِأَصْحَابِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عن عليّ ابن أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ الْآيَةَ: قَالَ لَوْلَا دَفْعُ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست