responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 488
قَوْلُهُ: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ سَيَنْتَقِلُ مِنَ الْمُحَاجَّةِ بِاللِّسَانِ إِلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِالْفِعْلِ ثقة بالله وَمُحَامَاةً عَلَى دِينِهِ، وَالْكَيْدُ: الْمَكْرُ، يُقَالُ: كَادَهُ يَكِيدُهُ كَيْدًا وَمَكِيدَةً، وَالْمُرَادُ هُنَا الِاجْتِهَادُ فِي كَسْرِ الْأَصْنَامِ. قِيلَ إِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ ذَلِكَ سِرًّا، وَقِيلَ: سَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ أَيْ: بَعْدَ أَنْ تَرْجِعُوا مِنْ عِبَادَتِهَا ذَاهِبِينَ مُنْطَلِقِينَ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ لَهُمْ عِيدٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، فَقَالُوا لِإِبْرَاهِيمَ:
لَوْ خَرَجْتَ مَعَنَا إِلَى عِيدِنَا أَعْجَبَكَ دِينُنَا، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً فَصِيحَةٌ، أَيْ: فَوَلَّوْا، فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا، الْجَذُّ: الْقَطْعُ وَالْكَسْرُ، يُقَالُ: جَذَذْتُ الشَّيْءَ قَطَعْتُهُ وَكَسَرْتُهُ، الْوَاحِدُ: جَذَاذَةٌ، وَالْجُذَاذُ: مَا كُسِرَ مِنْهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَيُقَالُ لِحِجَارَةِ الذَّهَبِ الْجُذَاذُ لِأَنَّهَا تُكْسَرُ. قَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ «جِذَاذًا» بِكَسْرِ الْجِيمِ، أَيْ: كَسْرًا وَقَطْعًا، جَمْعُ جَذِيذٍ، وَهُوَ الْهَشِيمُ، مِثْلُ خَفِيفٍ وَخِفَافٍ، وَظَرِيفٍ وَظِرَافٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
جذّذ الأصام فِي مِحْرَابِهَا ... ذَاكَ فِي اللَّهِ الْعَلِيِّ الْمُقْتَدِرِ
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالضَّمِّ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ، أَيِ: الْحُطَامُ وَالرِّقَاقُ، فِعَالُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَهَذَا هُوَ الْكَيْدُ الَّذِي وَعَدَهُمْ به. وقرأ ابن عباس وأبو السمال «جَذَاذًا» بِفَتْحِ الْجِيمِ. إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ أَيْ: لِلْأَصْنَامِ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ أَيْ: إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَرْجِعُونَ فَيُحَاجُّهُمْ بِمَا سَيَأْتِي فَيَحُجُّهُمْ، وَقِيلَ: لَعَلَّهُمْ إِلَى الصَّنَمِ الْكَبِيرِ يَرْجِعُونَ فَيَسْأَلُونَهُ عَنِ الْكَاسِرِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَعْبُودِ أَنْ يُرْجَعَ إِلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِ لَمْ يَجِدُوا عِنْدَهُ خَبَرًا، فَيَعْلَمُونَ حِينَئِذٍ أَنَّهَا لَا تَجْلِبُ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرَرًا، وَلَا تَعْلَمُ بِخَيْرٍ وَلَا شَرٍّ، وَلَا تُخْبِرُ عَنِ الَّذِي يَنُوبُهَا مِنَ الْأَمْرِ وَقِيلَ: لَعَلَّهُمْ إِلَى اللَّهِ يَرْجِعُونَ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا قالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِيدِهِمْ، وَرَأَوْا مَا حَدَثَ بِآلِهَتِهِمْ، قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّوْبِيخِ وَقِيلَ: إِنَّ «مَنْ» لَيْسَتِ اسْتِفْهَامِيَّةً، بَلْ هِيَ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهَا «إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ» ، أَيْ: فَاعِلِ هَذَا ظَالِمٌ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِمْ: سَمِعْنا فَتًى إِلَخْ، فَإِنَّهُ قَالَ بِهَذَا بَعْضُهُمْ مُجِيبًا لِلْمُسْتَفْهِمِينَ لَهُمْ، وَهَذَا الْقَائِلُ هُوَ الَّذِي سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ. وَمَعْنَى يَذْكُرُهُمْ: يَعِيبُهُمْ، وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُ مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَجُمْلَةُ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِفَتًى.
قَالَ الزَّجَّاجُ: وَارْتَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى مَعْنَى: يُقَالُ لَهُ هُوَ إِبْرَاهِيمُ، فَهُوَ عَلَى هَذَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَقِيلَ: ارْتِفَاعُهُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَقِيلَ: مُرْتَفِعٌ عَلَى النِّدَاءِ.
وَمِنْ غَرَائِبِ التَّدْقِيقَاتِ النَّحْوِيَّةِ، وَعَجَائِبِ التَّوْجِيهَاتِ الْإِعْرَابِيَّةِ، أَنَّ الْأَعْلَمَ الشَّنْتَمَرِيَّ الْأَشْبِيلِيَّ قَالَ:
إِنَّهُ مُرْتَفِعٌ عَلَى الْإِهْمَالِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ذَهَبَ إِلَى رَفْعِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ. وَالْفَتَى: هُوَ الشَّابُّ، وَالْفَتَاةُ الشَّابَّةُ قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ الْقَائِلُونَ هُمُ السّائلون، أمروا بعضهم أن يأتوا بِهِ ظَاهِرًا بِمَرْأًى مِنَ النَّاسِ. قِيلَ:
إِنَّهُ لَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ نَمْرُوذَ وَأَشْرَافَ قَوْمِهِ كَرِهُوا أَنْ يَأْخُذُوهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، فَقَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ لِيَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِ يَسْتَحِلُّونَ بِهَا مِنْهُ مَا قَدْ عَزَمُوا عَلَى أَنْ يَفْعَلُوهُ بِهِ، وَمَعْنَى لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ لَعَلَّهُمْ يَحْضُرُونَ عِقَابَهُ حَتَّى يَنْزَجِرَ غَيْرُهُ عَنِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَقِيلَ: لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَكْسِرُ الْأَصْنَامَ، أَوْ لَعَلَّهُمْ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 488
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست