responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 280
قُلْ لَهُمْ يَأْمُرُوا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَيَنْهَوْا عَمَّا نَهَى عَنْهُ وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ خَاصَّةً، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا يَشْهَدُ بِهِ السَّبَبُ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ أَيْ: بِالْفَسَادِ وَإِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْإِغْرَاءِ. قَالَ الْيَزِيدِيُّ: يُقَالُ: نَزَغَ بَيْنَنَا، أَيْ: أَفْسَدَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّزْغُ: الْإِغْرَاءُ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً أَيْ: مُتَظَاهِرًا بِالْعَدَاوَةِ مُكَاشِفًا بِهَا، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي الْبَقَرَةِ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ قِيلَ: هَذَا خِطَابٌ لِلْمُشْرِكِينَ. وَالْمَعْنَى: إن يشأ يوفقكم للإسلام فيرحمكم أو يميتكم عَلَى الشِّرْكِ فَيُعَذِّبْكُمْ وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، أَيْ: إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ بِأَنْ يَحْفَظَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ بِتَسْلِيطِهِمْ عَلَيْكُمْ وقيل: إن هذا تفسير لكلمة «الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا أَيْ: مَا وَكَّلْنَاكَ فِي مَنْعِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ، وَقَسْرِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ وَقِيلَ: مَا جَعَلْنَاكَ كَفِيلًا لَهُمْ تُؤْخَذُ بِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ذَكَرْتُ أَبَا أَرْوَى فَبِتُّ كَأَنَّنِي ... بِرَدِّ الْأُمُورِ الْمَاضِيَاتِ وَكِيلُ
أَيْ: كَفِيلٌ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَعْلَمُ بِهِمْ ذَاتًا وَحَالًا وَاسْتِحْقَاقًا، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ لأن هذا يشمل كل ما في السموات وَالْأَرْضِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَذَاكَ خَاصٌّ بِبَنِي آدَمَ أَوْ بِبَعْضِهِمْ، وَهَذَا كَالتَّوْطِئَةِ لِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ أَيْ: أَنَّ هَذَا التَّفْضِيلَ عَنْ عِلْمٍ مِنْهُ بِمَنْ هُوَ أَعْلَى رُتْبَةً وَبِمَنْ دُونَهُ، وَبِمَنْ يَسْتَحِقُّ مَزِيدَ الْخُصُوصِيَّةِ بِتَكْثِيرِ فَضَائِلِهِ وَفَوَاضِلِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي الْبَقَرَةِ. وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَمُوسَى كَلِيمًا، وَجَعَلَ عِيسَى كَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ، وَجَعَلَ لِسُلَيْمَانَ مُلْكًا عَظِيمًا، وَغَفَرَ لِمُحَمَّدٍ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَجَعَلَهُ سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَفْعٌ لِمَا كَانَ يُنْكِرُهُ الْكُفَّارُ مِمَّا يَحْكِيهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ارْتِفَاعِ دَرَجَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا فَضَّلَ بِهِ دَاوُدَ، فَقَالَ: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً أَيْ: كِتَابًا مَزْبُورًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ: فَلَا تُنْكِرُوا تَفْضِيلَ مُحَمَّدٍ وَإِعْطَاءَهُ الْقُرْآنَ فَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ دَاوُدَ زَبُورًا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَرُفاتاً قَالَ: غُبَارًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَرُفاتاً قَالَ: تُرَابًا، وَفِي قَوْلِهِ:
قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً قَالَ: مَا شِئْتُمْ فَكُونُوا، فَسَيُعِيدُكُمُ اللَّهُ كَمَا كُنْتُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ قَالَ: الْمَوْتُ، لَوْ كنتم موتى لَأَحْيَيْتُكُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخُ فِي الْعَظَمَةِ، عَنْ الْحَسَنِ مِثْلَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ ابن أَحْمَدَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ، وَزَادَ: قَالَ: فَكُونُوا الْمَوْتَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّ الْمَوْتَ سَيَمُوتُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حاتم عن ابن عباس في قوله: فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ قَالَ: سَيُحَرِّكُونَهَا اسْتِهْزَاءً. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قَالَ: الْإِعَادَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست