responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 279
نَفْسُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ يَعْقِلُ وَيَحُسُّ حَتَّى يَقَعَ التَّرَقِّي مِنَ الْحَدِيدِ إِلَيْهِ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا إِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا، أَوْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا مَعَ مَا بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ مِنَ التَّفَاوُتِ قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ: يُعِيدُكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاخْتَرَعَكُمْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ خَلْقِكُمْ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ وَلَا صُورَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ أَيْ:
يُحَرِّكُونَهَا اسْتِهْزَاءً، يُقَالُ: نَغَضَ رَأْسُهُ يَنْغُضُ وَيُنْغِضُ نَغْضًا وَنُغُوضًا، أَيْ: تَحَرَّكَ، وَأَنْغَضَ رَأْسَهُ حَرَّكَهُ كَالْمُتَعَجِّبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
أَنَغَضَ نَحْوِي رَأَسَهُ وَأَقْنَعَا وَقَوْلُ الرَّاجِزِ الْآخَرِ:
وَنَغَضَتْ مِنْ هَرَمٍ أَسْنَانُهَا وَقَالَ آخَرُ:
لَمَّا رَأَتْنِي أَنْغَضَتْ لِي رَأْسَهَا [1] وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ أَيِ: الْبَعْثُ وَالْإِعَادَةُ، اسْتِهْزَاءً مِنْهُمْ وَسُخْرِيَةً قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً أَيْ: هُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّ عَسَى فِي كَلَامِ اللَّهِ وَاجِبُ الْوُقُوعِ، وَمِثْلُهُ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً [2] وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ الظَّرْفُ مُنْتَصِبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، أَيِ: اذْكُرْ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ قَرِيبًا، أَوِ التَّقْدِيرُ: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ كَانَ مَا كَانَ، الدُّعَاءُ: النِّدَاءُ إِلَى الْمَحْشَرِ بِكَلَامٍ يَسْمَعُهُ الْخَلَائِقُ وَقِيلَ: هُوَ الصَّيْحَةُ الَّتِي تَسْمَعُونَهَا، فَتَكُونُ دَاعِيَةً لَهُمْ إِلَى الِاجْتِمَاعِ فِي أَرْضِ الْمَحْشَرِ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ أَيْ: مُنْقَادِينَ لَهُ، حَامِدِينَ لِمَا فَعَلَهُ بِكُمْ، فَهُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: فَتَسْتَجِيبُونَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لَا ثَوْبَ فَاجِرٍ ... لَبِسْتُ وَلَا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْكُفَّارَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ هُنَا الْبَعْثُ وَبِالِاسْتِجَابَةِ أَنَّهُمْ يُبْعَثُونَ، فَالْمَعْنَى: يَوْمَ يَبْعَثُكُمْ فَتُبْعَثُونَ مُنْقَادِينَ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ:
تَظُنُّونَ عِنْدَ الْبَعْثِ أَنَّكُمْ مَا لَبِثْتُمْ فِي قُبُورِكُمْ إِلَّا زَمَنًا قَلِيلًا وَقِيلَ: بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَذَابَ يُكَفُّ عَنِ الْمُعَذَّبِينَ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ عَامًا يَنَامُونَ فِيهَا، فلذلك: قالُوا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا [3] ، وَقِيلَ:
إِنَّ الدُّنْيَا تَحَقَّرَتْ فِي أَعْيُنِهِمْ وَقَلَّتْ حِينَ رَأَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِعِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ عِنْدَ مُحَاوَرَتِهِمْ لِلْمُشْرِكِينَ الْكَلِمَةَ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْكَلَامِ الْحَسَنِ، كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [4] وَقَوْلِهِ:
فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً [5] لِأَنَّ الْمُخَاشَنَةَ لَهُمْ رُبَّمَا تُنَفِّرُهُمْ عَنِ الْإِجَابَةِ أَوْ تُؤَدِّي إِلَى مَا قَالَ سُبْحَانَهُ: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [6] وَهَذَا كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ السَّيْفِ وَقِيلَ: المعنى:

[1] في تفسير القرطبي (10/ 275) : الرأسا.
[2] الأحزاب: 63.
[3] يس: 52.
[4] العنكبوت: 46.
[5] طه: 44.
[6] الأنعام: 108.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست