نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 582
لا تتفكَّرون فيه فتعلمونَ صِدْقي في نُبوَّتي، وأن ما جئتُ به من الأخبار عن قصص الماضين لم أَعْلَمْه إِلاّ بوحي من الله تعالى. ويدلّ على هذا المعنى قوله تعالى: ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى يعني الملائكة إِذْ يَخْتَصِمُونَ في شأن آدمَ حين قال الله تعالى: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [1] والمعنى: إِنِّي ما عَلِمْتُ هذا إلاّ بوحي، إِنْ يُوحى إِلَيَّ أي: ما يوحى إليَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ أي: إِلاّ أنِّي نبيٌّ أُنْذرِكم وأبيِّن لكم ما تأتونه وتجتنبونه. إِذْ قالَ رَبُّكَ هذا متصل بقوله: «يختصمونَ» وإنما اعترضت تلك الآية بينهما. قال ابن عباس: اختصَموا حين شُوورِوا في خَلْق آدم، فقال الله تعالى لهم: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، وهذه الخصومة منهم إنما كانت مُناظَرةً بينهم. وفي مُناظَرتهم قولان: أحدهما: أنه قولهم:
أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها [2] ، قاله ابن عباس، ومقاتل. والثاني: أنهم قالوا: لن يَخْلُقَ اللهُ خَلْقاً إِلاّ كُنّا أكرمَ منه وأعلم، قاله الحسن هذا قول أكثر المفسّرين.
(1222) وقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «رأيت ربّي عزّ وجلّ، فقال لي: فيم يختصم الملأ
صحيح بمجموع طرقه وشواهده. رجاله ثقات معروفون، لكن عبد الرحمن بن عائش مختلف في صحبته، والراجح أنه تابعي، وقد نفى البخاري صحبته ويدل عليه كونه رواه بواسطة عن معاذ كما سيأتي، فالإسناد ضعيف لإرساله، لكن ورد موصولا، وله شواهد. أخرجه الدارمي [2]/ 126 وابن خزيمة في «التوحيد» 215- 216 والحاكم [1]/ 520- 521 والآجري في «الشريعة» 1055 من طرق عن عبد الرحمن بن زيد بن جابر به.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه أحمد 4/ 66 من هذا الوجه عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم. وذكره الهيثمي في «المجمع» 7/ 176- 177 وقال: رجاله ثقات اه. وجهالة الصحابي لا تضر. وأخرجه الترمذي 3235 والحاكم [1]/ 21 من حديث عبد الرحمن بن عائش عن مالك بن يخامر عن معاذ مرفوعا. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: حسن صحيح. وورد من حديث ابن عباس. وأخرجه ابن خزيمة ص 217 والآجري في «الشريعة» 1054 من طريق أيوب عن أبي قلابة عن خالد بن الجلاح عن ابن عباس، ورجاله ثقات. وورد من حديث ثوبان أخرجه البزّار 2129 وفيه أبو يحيى الراوي عن أبي أسماء الرحبي لا يعرف قال الهيثمي في «المجمع» 7/ 178 وأخرجه البزار من وجه آخر عن ابن عمرو، وفيه سعيد بن سنان واه. وورد من حديث أبي أمامة أخرجه الطبراني كما في «المجمع» 7/ 178 وفيه ليث بن أبي سليم غير قوي. وللحديث شواهد أخرى، وإن كانت ضعيفة، إلا أنها تتقوى بمجموعها، والله أعلم. الخلاصة: هو حديث حسن صحيح كما قال البخاري، والله أعلم.
واللفظ عند الترمذي، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي، عن مالك بن يخامر السككي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعا فثوّب بالصلاة، فصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وتجوّز في صلاته فلما سلّم دعا بصوته قال لنا على مصافّكم كما أنتم ثم انفتل إلينا ثم قال: «أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة: إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ما قدّر لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت، فإذا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة، فقال: يا محمد، قلت:
لبيك رب، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، قالها ثلاثا، قال فرأيته وضع كفه بين كتفيّ حتى وجدت برد أنامله بين ثديي، فتجلّى لي كل شيء وعرفت، فقال: يا محمد، قلت: لبيك ربي، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفّارات، قال: ما هنّ؟ قلت: مشي الأقدام إلى الحسنات، والجلوس في المساجد بعد الصلوات، وإسباغ الوضوء حين الكريهات، قال: فيم، قلت: إطعام الطعام، ولين الكلام، والصلاة بالليل والناس نيام قال: سل، قال: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب- [1] البقرة: 30. [2] البقرة: 30.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 582