نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 581
ف قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا إن قلنا: إن هذا قول الأتباع للرؤساء فالمعنى: أنتم زيَّنتم لنا الكفر، وإن قلنا: إنه قول الأمَّة المتأخرة للأمَّة المتقدِّمة، فالمعنى: أنتم شرَّعتم لنا الكفر وبدأتم به قبلنا، فدخلتم النار قبلنا فَبِئْسَ الْقَرارُ أي: بئس المُسْتَقَرّ والمنزل. قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا أي:
مَنْ سنَّه وشرعه فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ وقد شرحناه في الأعراف [1] . وفي القائلين لهذا قولان:
أحدهما: أنه قول جميع أهل النار، قاله ابن السائب. والثاني: قول الأتباع. قاله مقاتل.
قوله تعالى: وَقالُوا يعني أهل النار ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ قال المفسرون: إذا دخلوا النار، نظروا فلم يَرَوْا مَنْ كان يخالفُهم من المؤمنين، فيقولون ذلك. قال مجاهد: يقول أبو جهل في النار: أين صُهَيب، أين عمّار، أين خبّاب، أين بلال؟! قوله تعالى: أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: «من الأشرار اتَّخَذْناهم» بالوصل على الخبر، أي: إِنّا اتَّخَذْناهم، وهؤلاء يبتدئون بكسر الهمزة. وقرأ الباقون بقطع الألف وفتحها على معنى الاستفهام، وهؤلاء يبتدئون بفتح الهمزة. وقال الفراء: وهذا استفهام بمعنى التعجُّب والتوبيخ، والمعنى أنهم يوبِّخون أنفسهم على ما صنعوا بالمؤمنين. و «سخريّا» يُقرأ بضم السين وكسرها. وقد شرحناها في آخر سورة المؤمنون [2] أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ أي: وهم مَعَنا في النار ولا نراهم؟! وقال أبو عبيدة: «أم» ها هنا بمعنى «بَلْ» .
قوله تعالى: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ قال الزجاج: أي: إِن الذي وصفْناه عنهم لَحَقٌّ، ثم بيَّن ما هو، فقال: هو تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ وقرأ أبو الجوزاء، وأبو الشعثاء، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: «تَخَاصُمَ» برفع الصاد وفتح الميم، وكسر اللام من «أَهْلِ» . وقرأ أبو مجلز، وأبو العالية، وأبو المتوكل، وابن السميفع: «تَخَاصَمَ أَهْلَ» بفتح الصاد والميم ورفع اللام.