نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 307
(1043) والثاني: أن ناساً كانوا إِذا خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والأعرج والمريض وعند أقاربهم، وكانوا يأمرونهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إِذا احتاجوا، فكانوا يَتَّقون أن يأكُلوا منها، ويقولون: نخشى أن لا تكون أنفُسُهم بذلك طيِّبة، فنزلت هذه الآية، قاله سعيد بن المسيب.
والثالث: أن العُرجان والعُميان كانوا يمتنعون عن مؤاكلة الأصحاء، لأن الناس يتقذَّرونهم، فنزلت هذه الآية، قاله سعيد بن جبير، والضحاك [1] . والرابع: أن قوماً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم كانوا إِذا لم يكن عندهم ما يُطعمون المريض والزَّمِن، ذهبوا به إِلى بيوت آبائهم وأمّهاتهم وبعض من سمّى الله عزّ وجلّ في هذه الآية، فكان أهل الزمَّانَة يتحرَّجون من أكل ذلك الطعام لأنه أطعمهم غير مالكه، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد [2] . والخامس: أنها نزلت في إِسقاط الجهاد عن أهل الزمَّانَة المذكورين في الآية، قاله الحسن، وابن زيد [3] .
فعلى القول الأول يكون معنى الآية: ليس عليكم في الأعمى حرج أن تأكلوا معه، ولا في الأعرج، وتكون «على» بمعنى «في» ، ذكره ابن جرير. وكذلك يخرَّج معنى الآية على كل قول بما يليق به. وقد كان جماعة من المفسرين يذهبون إلى أن آخر الكلام «ولا على المريض حرج» وأن ما بعده مستأنَف لا تعلُّق له به، وهو يقوِّي قول الحسن، وابن زيد.
قوله تعالى: أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ فيه ثلاثة أقوال [4] : أحدها: أنها بيوت الأولاد. والثاني:
البيوت التي يسكنونها وهم فيها عيال غيرهم، فيكون الخطاب لأهل الرجل وولده وخادمه ومَن يشتمل
حسن. أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» 653 من طريق مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلا، ومراسيل سعيد جياد. وله شاهد من مرسل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أخرجه الطبري 26224. وله شاهد موصول عن عائشة رضي الله عنها، أخرجه البزار 2241 «كشف» . وقال الهيثمي في «المجمع» 11238/ 7: رجاله رجال الصحيح.
- الخلاصة: مرسل سعيد مع مرسل عبيد الله إذا انضم إليهما الموصول رقى بهما إلى درجة الحسن في أقل تقدير، وهذا القول أرجح الأقوال، ومع ذلك باقي الأقوال لا تعارضه، بل تشهد لبعضه، والله أعلم. [1] أخرجه الطبري 26220 عن الضحاك مرسلا. [2] أخرجه الطبري 26221 و 26222 عن مجاهد مرسلا، والمرسل من قسم الضعيف، لكن هذه الروايات متقاربة، سواء ما تقدم أو ما يأتي. وانظر أحكام القرآن 3/ 420 بتخريجنا. [3] أخرجه الطبري 26225 عن عبد الرحمن بن زيد، وهذا معضل، وابن زيد واه، والصواب في ذلك الحديث 1062. [4] قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» 3/ 379: وقوله تعالى: وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ إنما ذكر هذا، وهو معلوم، ليعطف عليه غيره في اللفظ، وليساوي به ما بعده في الحكم. وتضمن هذا بيوت الأبناء، لأنه لم ينصّ عليهم. ولهذا استدل من ذهب إلى أن مال الولد بمنزلة مال أبيه، وقد جاء في المسند والسنن، من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «أنت ومالك لأبيك» ، وقوله أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ إلى قوله أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ هذا ظاهر، وقد يستدل به من يوجب نفقة الأقارب بعضهم على بعض، كما هو مذهب أبي حنيفة والإمام أحمد بن حنبل في المشهور عنهما.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 307