responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 459
وَافَقَهُمْ مِنَ الْفِرَقِ وَالرَّدَّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَجَاوَزَ ذَلِكَ إِلَى مَا يُخِلُّ بِالْأَدَبِ، وَيُؤْذِي الرَّسُولَ أَوْ آلِهِ بِحَسَبٍ أَوْ نَسَبٍ، وَنَاهِيكَ بِالْأُمِّ وَالْأَبِ، وَبِأَبِي طَالِبٍ دُونَ أَبِي لَهَبٍ، بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ أَبُو لَهَبٍ بِسُوءٍ مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ عَمَّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا فِي مَقَامِ التَّعْلِيمِ وَالْبَيَانِ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: " اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ؟ فَقَالَ حَسَّانُ: لِأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ " أَيْ: لَأُخَلِصَنَّ نَسَبَكَ مِنْ أَنْسَابِهِمْ حَتَّى لَا يُصِيبَهُ مِنَ الْهَجْوِ شَيْءٌ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي هَجْوِ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: " كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ؟ فَأَجَابَ حَسَّانُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْ هَدْيِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ وَاقِعَتَانِ، رُوِيَتَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَنَاهِيكَ بِعِلْمِهِ وَهَدْيِهِ. (إِحْدَاهُمَا) أَنَّهُ أُتِيَ بِكَاتِبٍ يَخُطُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانَ أَبُوهُ كَافِرًا،
فَقَالَ لِلَّذِي جَاءَ بِهِ: لَوْ كُنْتَ جِئْتَ بِهِ مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ الْكَاتِبُ: مَا ضَرَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفْرُ أَبِيهِ. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ جَعَلْتَهُ مَثَلًا! لَا تَخُطَّ بَيْنَ يَدَيَّ بِقَلَمٍ أَبَدًا. (ثَانِيَتُهُمَا) أَنَّهُ قَالَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ سَعْدٍ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا عَامِلِنَا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا زِنْدِيقٌ. قَالَ: وَمَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَدْ كَانَ أَبُو النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَافِرًا فَمَا ضَرَّهُ. فَغَضِبَ عُمَرُ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ: مَا وَجَدْتَ لَهُ مَثَلًا غَيْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَعَزَلَهُ عَنِ الدَّوَاوِينِ. وَمِنْهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: وَقَطَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً - أَيْ يَدَهَا - لَهَا شَرَفٌ فَكُلِّمَ فِيهَا، فَقَالَ " لَوْ سَرَقَتْ فُلَانَةُ - لِامْرَأَةٍ شَرِيفَةٍ - لَقَطَعْتُ يَدَهَا " وَإِنَّمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لَوْ سَرَقَتْ فَاطِمَةُ " فَكَنَّى الشَّافِعِيُّ عَنْ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَهَا مُبَالَغَةً فِي الْأَدَبِ، مَعَ أَنَّ إِسْنَادَ السَّرِقَةِ إِلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ مَفْرُوضٌ فَرْضًا لَا وَاقِعًا، وَهُوَ يَذْكُرُهُ فِي سِيَاقِ الِاسْتِنْبَاطِ مِنَ السُّنَّةِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ: مَا فَعَلَهُ أَبُو دَاوُدَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي حَدِيثِ تَعْزِيَةِ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - فِي مَيِّتٍ وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا: " فَلَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى " أَيِ الْمَقَابِرَ، قَالَتْ: مَعَاذَ اللهِ وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ فِيهَا مَا تَذْكُرُ، فَقَالَ لَهَا كَمَا فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ: " لَوْ بَلَغْتِهَا مَعَهُمْ مَا رَأَيْتِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيكِ " وَأَمَّا أَبُو دَاوُدَ فَرَوَاهُ هَكَذَا: قَالَ: " لَوْ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى " فَذَكَرَ تَشْدِيدًا عَظِيمًا. اهـ. وَقَالُوا: إِنَّهُ تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِآخِرِ الْحَدِيثِ مِنْ بَابِ الْأَدَبِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَيُّ الْمُحَدِّثِينَ خَيْرٌ عَمَلًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ؟ النَّسَائِيُّ الَّذِي رَوَاهُ بِلَفْظِهِ، وَعَمِلَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَلِّغَ الْقَوْلَ عَنْهُ كَمَا سَمِعَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَمْرِ بِتَبْلِيغِ الشَّاهِدِ الْغَائِبِ فِي خُطْبَةِ حِجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا فِي

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 459
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست