responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 460
الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، أَمْ أَبُو دَاوُدَ الَّذِي رَاعَى الْأَدَبَ بِحَذْفِ مَا حَذَفَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ حَمَلَةُ السُّنَّةِ وَمُبَلِّغُوهَا لِلْأُمَّةِ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَهُوَ وُجُوبُ تَبْلِيغِ النَّصِّ بِلَفْظِهِ عَلَى مَنْ حَفِظَهُ، أَوْ بِمَعْنَاهُ إِذَا وَعَاهُ وَوَثِقَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى أَدَائِهِ، وَلِهَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ أَعْظَمُ مِنَّةٍ فِي عُنُقِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِنَقْلِ السُّنَّةِ إِلَيْهَا كَمَا رَوَوْهَا، وَضَبْطِ مُتُونِهَا، وَوَزْنِ أَسَانِيدِهَا بِمِيزَانِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى مِنْ أَئِمَّتِهِمْ. وَإِنَّمَا يُحْسِنُ مِثْلُ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا مِنَ الْأَدَبِ الْعَالِي مَعَ بِضْعَةِ الرَّسُولِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - إِذَا كَانَ لَا يَضِيعُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْحَدِيثِ، كَذِكْرِهِ
لِمَنْ يَعْلَمُ الْأَصْلَ الْمَرْوِيَّ أَوْ لِمَنْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِي الْعِلْمِ بِنَصِّهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ كَانَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ يَسْتَبِيحُونَ حَذْفَ شَيْءٍ مِنْهَا لَمَّا وَثِقْنَا بِنَقْلِهِمْ، وَلَكِنْ عُلِمَ ضِدُّ ذَلِكَ مِنْ سِيرَتِهِمْ وَمِنْ رِوَايَتِهِمْ لِلْأَحَادِيثِ الْمُشْكَلَةِ كَغَيْرِهَا، وَمِنْ جَرْحِهِمْ لِمَنْ غَيَّرَ أَوْ بَدَّلَ، أَوْ حَذَفَ أَوْ زَادَ أَوْ نَقَّصَ، أَوْ خَالَفَ الثِّقَاتِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُتُونِ وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ التَّعْظِيمَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَبَا دَاوُدَ قَالَا مَا قَالَا عَالِمَيْنِ بِأَنَّهُ لَا يُضَيِّعُ مِنَ الْحَدِيثِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ)
قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ السَّيِّدَ الْأَلُوسِيَّ عَزَا الْقَوْلَ بِإِيمَانِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِلَى الْجَمِّ الْغَفِيرِ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَنَّ هَذِهِ هَفْوَةٌ مِنْهُ - عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى رَأْيِ كُلِّ مَنْ صَنَّفَ رِسَالَةً أَوْ كِتَابًا مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْأُصُولِ أَوِ الْفُرُوعِ. وَإِنَّمَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعُلَمَاءِ التَّابِعِينَ، وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ مِمَّنْ تَبِعَهُمْ فِي الِاعْتِصَامِ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَمِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَكَلُّفٍ لِإِرْجَاعِ ظَوَاهِرِهَا إِلَى مَا ابْتُدِعَ مِنَ الْبِدَعِ وَالْآرَاءِ الَّتِي أَحْدَثَهَا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ، وَمِنْهُمْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ الْمَشْهُورُونَ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَدَاوُدَ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدِ انْتَسَبَ إِلَى بَعْضِ مَذَاهِبَ هَؤُلَاءِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ فَخَالَفُوهُمْ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ كَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَكَثِيرٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُرْجِئَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَقْرَبُ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَيْهِمُ الْأَشَاعِرَةُ، وَأَكْثَرُهُمْ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ قَدِ اضْطُرُّوا إِلَى الْخَوْضِ فِي مَسَائِلٍ مِنَ الْكَلَامِ لَمْ تُؤْثَرْ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ فِي الْفِقْهِ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَاخْتَلَفَ الْأَشْعَرِيَّةُ وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا كَمَا اخْتَلَفَ الْأَوَّلُونَ مِنْهُمْ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِيهَا الْأَشْعَرِيَّ، أَوْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَهُمْ عَلَى انْتِسَابِهِمْ كُلِّهِمْ إِلَى السُّنَّةِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ كُلَّ مَا قَرَّرَهُ وَاحِدٌ أَوْ آحَادٌ مِنْهُمْ مَذْهَبًا لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَإِنْ تَقَلَّدَ ذَلِكَ الْكَثِيرُونَ مِنَ النَّاسِ، وَإِنَّمَا الْقَاعِدُ فِي كُلِّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْآرَاءِ، وَتَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَلَمْ يُجْمِعُوا فِيهِ عَلَى قَوْلٍ أَنْ يُرَدَّ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَيُؤْخَذُ
مَا وَافَقَهُمَا وَيُرَدُّ مَا خَالَفَهُمَا عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 460
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست