responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 437
الْإِمَامِ هَكَذَا (اسْتَهْوَتْهُ) وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْقِرَاءَتَيْنِ. وَتَقْدِيرُ التَّشْبِيهِ فِي الْكَلَامِ أَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ تِلْكَ الْهِدَايَةِ مِثْلَ رَدِّ الَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ، أَوْ مُشَبَّهِينَ بِالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ - إِلَخْ! . قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ: ذَهَبَتْ بِهَوَاهُ وَعَقْلِهِ، وَقِيلَ: اسْتَهَامَتْهُ وَحَيَّرَتْهُ. وَقِيلَ: زَيَّنَتْ لَهُ هَوَاهُ، وَيُقَالُ لِلْمُسْتَهَامِ الَّذِي اسْتَهَامَتْهُ الْجِنُّ: وَاسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ. الْقُتَيْبِيُّ: اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ هَوَتْ بِهِ وَأَذْهَبَتْهُ - جَعَلَهُ مِنْ هَوَى يَهْوِي. وَجَعَلَهُ الزَّجَّاجُ مِنْ هَوَى يَهْوَى، أَيْ زَيَّنَتْ لَهُ هَوَاهُ. كَذَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُسْتَهَامُ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ الْعِشْقُ أَوِ الْجُنُونُ هَائِمًا، أَيْ يَسِيرُ عَلَى وَجْهِهِ لَا يَقْصِدُ غَايَةً مُعَيَّنَةً، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَزْعُمُ أَنَّ الْجُنُونَ كُلَّهُ مِنْ تَأْثِيرِ الْجِنِّ، وَالْأَصْلُ فِي قَوْلِهِمْ: جُنَّ فَلَانٌ - مَسَّتْهُ الْجِنُّ فَذَهَبَتْ بِعَقْلِهِ. وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الْجِنَّ تَظْهَرُ لَهُمْ فِي الْبَرَارِي وَالْمَهَامِهِ، وَتَتَلَوَّنُ لَهُمْ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَتَذْهَبُ بِلُبِّ مَنْ يَرَاهَا فَيَهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَذْهَبُ حَتَّى يَهْلِكَ. وَالشَّيَاطِينُ الَّتِي تَتَلَوَّنُ هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْغِيلَانَ وَالْأَغْوَالَ وَالسَّعَالِي (بِوَزْنِ الصَّحَارِي) ، وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا غُولَ " قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ: قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ الْغِيلَانَ فِي الْفَلَوَاتِ، وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الشَّيَاطِينِ، تَتَرَاءَى لِلنَّاسِ وَتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلًا، أَيْ تَتَلَوَّنُ تَلَوُّنًا فَتُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ فَتُهْلِكُهُمْ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاكَ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ وُجُودِ الْغُولِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ إِبْطَالُ مَا تَزْعُمُهُ الْعَرَبُ مِنْ تَلَوُّنِ الْغُولِ بِالصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَةِ وَاغْتِيَالِهَا. قَالُوا: وَمَعْنَى " لَا غُولَ " لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُضِلَّ أَحَدًا، وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثٌ آخَرُ " لَا غُولَ وَلَكِنِ السَّعَالِي " وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: السَّعَالِي - بِالسِّينِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ - هُمْ سَحَرَةُ الْجِنِّ، أَيْ: وَلَكِنْ فِي الْجِنِّ سَحَرَةٌ، لَهُمْ تَلْبِيسٌ وَتَخْيِيلٌ " وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ " إِذَا تَغَوَّلَتِ الْغِيلَانُ فَنَادُوا بِالْأَذَانِ " أَيِ ادْفَعُوا شَرَّهَا بِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيُ أَصْلِ وُجُودِهَا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ: كَانَ لِي تَمْرٌ فِي سَهْوَةٍ، وَكَانَتِ الْغُولُ تَجِيءُ فَتَأْكُلُ مِنْهُ. اهـ.
أَقُولُ: إِنَّ هَذَا الشَّرْحَ مَأْخُوذٌ مِنَ النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ، لَيْسَ لِلنَّوَوِيِّ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ إِلَّا عَزْوُ نَفْيِ وُجُودِ الْغُولِ إِلَى جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي قَدَّمَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ، وَقَدْ نَقَلَ عِبَارَتَهُ ابْنُ مَنْظُورٍ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَمَا عَزَاهُ النَّوَوِيُّ إِلَى
الْجُمْهُورِ هُوَ الْمُتَبَادِرُ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ كَلِمَةَ " لَا غُولَ " نَافِيَةٌ لِجِنْسِ الْغُولِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا اللَّفْظُ وَحْدَهُ فِي حَدِيثٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَمَا أُيِّدَ بِهِ قَوْلُ غَيْرِ الْجُمْهُورِ لَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَرِّجِ الْجُمْهُورُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ الْغِيلَانَ ذُكِرُوا عِنْدَ عُمْرَ فَقَالَ: إِنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللهُ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ لَهُمْ سَحَرَةٌ كَسَحَرَتِكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَذِّنُوا وَهَذَا رَأْيٌ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 437
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست