responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 395
تَقَالِيدَ الْكَنَائِسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَلْيُرَاجَعْ تَفْسِيرُهَا فِي الْمُفَصَّلِ فِي جُزْءِ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَحْثٌ لَفْظِيٌّ لَيْسَ فِي تِلْكَ، وَهُوَ رَفْعُ كَلِمَةِ " الصَّابِئِينَ " وَتَقْدِيمُهَا عَلَى كَلِمَةِ النَّصَارَى ; فَأَمَّا الرَّفْعُ فَفِي إِعْرَابِهِ وُجُوهٌ ; أَشْهَرُهَا: أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: " وَالصَّابِئُونَ كَذَلِكَ " أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحَلِّ اسْمِ إِنَّ، وَقَدْ أَجَازَ كُوفُيُّو النَّحْوِيِّينَ هَذَا، وَعَدُّوهُ مِنَ الْفَصِيحِ إِذَا كَانَ اسْمُ إِنَّ مَبْنِيًّا، كَمَا هُوَ هُنَا، وَكَقَوْلِكَ: إِنَّكَ وَزَيْدٌ صَدِيقَانِ. وَالْبَصْرِيُّونَ يَمْنَعُونَهُ. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّا وَأَنْتُمْ بُغَاةٌ مَا بَقِينَا فِي شِقَاقِ وَالْإِعْرَابُ صِنَاعَةٌ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى ضَبْطِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَفَهْمِهِ، وَالْعُمْدَةُ فِي إِثْبَاتِ اللُّغَاتِ كُلِّهَا السَّمَاعُ مِنْ أَهْلِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ بِالسَّمَاعِ أَنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ فَصِيحٌ، وَلَكِنْ مَا نُكْتَتُهُ؟ النُّكْتَةُ الَّتِي كَانَ بِهَا رَفْعُ الصَّابِئِينَ فَصِيحًا هَاهُنَا عَلَى مُخَالَفَتِهِ نَسَقَ عَطْفِ الْمَنْصُوبِ عَلَى الْمَنْصُوبِ هِيَ تَنْبِيهُ الذِّهْنِ إِلَى أَنَّ الصَّابِئِينَ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي تَعْلِيقِ نَفْيِ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِشَرْطِ الْإِيمَانِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّحِيحِ، اللَّذَيْنِ تَتَزَكَّى بِهِمَا النُّفُوسُ، وَتَسْتَعِدُّ لِإِرْثِ الْفِرْدَوْسِ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا غَيْرَ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَكَانَ الصَّابِئُونَ غَيْرَ مَظِنَّةٍ لِإِشْرَاكِهِمْ فِي الْحُكْمِ مَعَ أَهْلِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ، حَسُنَ فِي شَرْعِ الْبَلَاغَةِ أَنْ يُنَبَّهَ إِلَى ذَلِكَ بِتَغْيِيرِ نَسَقِ الْإِعْرَابِ. فَمِثْلُ هَذَا التَّغْيِيرِ لَا يُعَدُّ فَصِيحًا إِلَّا فِي هَذَا التَّعْبِيرِ، وَهُوَ مَا كَانَ لِمَا تَغَيَّرَ إِعْرَابُهُ وَأُخْرِجَ عَمَّا يُمَاثِلُهُ صِفَةٌ خَاصَّةٌ تُرِيدُ التَّنْبِيهَ عَلَيْهَا. فَإِذَا قُلْتَ: " إِنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا - وَكَذَا بَكْرٌ - أَوْ بَكْرٌ كَذَلِكَ - قَادِرُونَ عَلَى مُنَاظَرَةِ خَالِدٍ " لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ بَلِيغًا إِلَّا إِذَا كَانَ بَكْرٌ فِي مَظِنَّةِ الْعَجْزِ عَنْ مُنَاظَرَةِ خَالِدٍ، وَأَرَدْتَ أَنْ تُنَبِّهَ عَلَى خَطَأِ هَذَا الظَّنِّ، وَعَلَى كَوْنِ بَكْرٍ يَقْدِرُ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو.
وَهَاهُنَا قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ فِي الْبَلَاغَةِ، تَدْخُلُ فِي بَلَاغَةِ النُّطْقِ وَالْكِتَابَةِ؛ وَهِيَ أَنَّ مَا يُرَادُ تَنْبِيهُ السَّمْعِ أَوِ اللَّحْظِ إِلَيْهِ مِنَ الْمُفْرَدَاتِ أَوِ الْجُمَلِ يُمَيَّزُ عَلَى غَيْرِهِ، إِمَّا بِتَغْيِيرِ نَسَقِ الْإِعْرَابِ فِي مِثْلِ الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ مُطْلَقًا، وَإِمَّا بِرَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْخَطَابَةِ، وَإِمَّا بِكِبَرِ الْحُرُوفِ، أَوْ تَغْيِيرِ لَوْنِ الْحِبْرِ، أَوْ وَضْعِ الْخُطُوطِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَةِ، وَالْمُسْلِمُونَ يَكْتُبُونَ الْقُرْآنَ فِي التَّفْسِيرِ وَالْمُتُونَ الْمَشْرُوحَةَ بِحِبْرٍ أَحْمَرَ، وَفِي الطَّبْعِ يَضَعُونَ الْخُطُوطَ فَوْقَ الْكَلَامِ الَّذِي يُمَيِّزُونَهُ ; كَآيَاتِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست