responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 387
كَأَنَّهُ قَالَ: بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ فِي شَأْنِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَاذْكُرْ لَهُمْ مَا يَكُونُ فَصْلَ الْخِطَابِ. فَإِنْ سَأَلْتَ عَنْ ذَلِكَ، فَهَاكَ الْجَوَابُ: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) إِلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي، وَإِذَا صَحَّ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالضِّيَاءُ لَا يُبْقِي لِلِاحْتِمَالِ مَجَالٌ، قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ آيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ أُنْزِلَتْ أَشَدُّ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: كُنْتُ بِمِنًى أَيَّامَ مَوْسِمٍ، وَاجْتَمَعَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ وَأَفْنَاءُ النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ، فَنَزَلَ عَلِيَّ جِبْرِيلُ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) الْآيَةَ - قَالَ - فَقُمْتُ عِنْدَ الْعَقَبَةِ ; فَقُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يَنْصُرُنِي عَلَى أَنْ أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي وَلَكُمُ الْجَنَّةُ؟ أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَا رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ تُفْلِحُوا وَتَنْجَحُوا، وَلَكُمُ الْجَنَّةُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَمَا بَقِيَ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا أَمَةٌ وَلَا صَبِيٌّ إِلَّا يَرْمُونَ عَلَيَّ بِالتُّرَابِ وَالْحِجَارَةِ، وَيَقُولُونَ: كَذَّابٌ صَابِئٌ. فَعَرَضَ عَلَيَّ عَارِضٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللهِ فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِمْ، كَمَا دَعَا نُوحٌ عَلَى قَوْمِهِ بِالْهَلَاكِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، وَانْصُرْنِي عَلَيْهِمْ أَنْ يُجِيبُونِي إِلَى طَاعَتِكَ، فَجَاءَ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ، فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ، وَطَرَدَهُمْ عَنْهُ "، وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ تَأْكِيدٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ مِنَ التَّبْلِيغِ الْعَامِّ لِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ كُلُّهُ - وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ - أَوِ الْخَاصِّ بِأَهْلِ الْكِتَابِ - عَلَى مَا سَبَقَ
مِنَ الِاحْتِمَالِ - بِأَنْ كَتَمْتَهُ، وَلَوْ مُؤَقَّتًا ; خَوْفًا مِنَ الْأَذَى بِالْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ، أَوْ بِهِمَا جَمِيعًا (فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) أَيْ فَحَسْبُكَ جُرْمًا أَنَّكَ مَا بَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ، وَلَا قُمْتَ بِمَا بُعِثْتَ لِأَجْلِهِ، وَهُوَ تَبْلِيغُ النَّاسِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) (42: 48) وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: وَإِنْ لَمْ تُبَلِّغْ جَمِيعَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ بِأَنْ كَتَمْتَ بَعْضَهُ، فَكَأَنَّكَ لَمْ تُبَلِّغْ مِنْهُ شَيْئًا قَطُّ ; لِأَنَّ كِتْمَانَ الْبَعْضِ كَكِتْمَانِ الْجَمِيعِ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) (5: 32) وَيُقَوِّيهِ قِرَاءَةُ نَافِعٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ: " رِسَالَاتِهِ " بِالْجَمْعِ.
فَمَعْنَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: إِفَادَةُ اسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْوَحْيِ، الَّذِي كُلِّفَ الرَّسُولُ تَبْلِيغَهُ، لَكِنْ فِي الْحُكْمِ لَا فِي الْوَاقِعِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ كُنْتَ كَأَنَّكَ مَا بَلَّغْتَ شَيْئًا مَا مِنْ مَسَائِلِ الرِّسَالَةِ ; لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ. وَقَدْ ضَعَّفَ هَذَا الْوَجْهَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ، وَإِنْ كَانَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ ; لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَرْكَ تَبْلِيغِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ تَرْكٌ لِتَبْلِيغِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ بِالْفِعْلِ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْوَاقِعِ، أَوْ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ تَارِكُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَتَارِكِ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى عَلَى التَّشْبِيهِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَلَا يُعَارِضُ مَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست