responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 364
فَإِنَّهُ جَعَلَ الْجِهَادَ غَيْرَ الْحُبِّ، وَحَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْمَذْكُورُ آنِفًا، فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحُبِّ وَالْعَمَلِ، وَجَعَلَ عُدَّتَهُ لِلسَّاعَةِ الْحُبَّ دُونَ كَثْرَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ. نَعَمْ، إِنَّ الْحُبَّ يَسْتَلْزِمُ الطَّاعَةَ وَيَقْتَضِيهَا بِسُنَّةِ الْفِطْرَةِ، كَمَا قِيلَ: تَعْصِي الْإِلَهَ وَأَنْتَ تَزْعُمُ حُبَّهُ هَذَا لَعَمْرُكَ فِي الْقِيَاسِ بَدِيعُ لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ وَقَدْ أَطَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الْمَحَبَّةِ مِنَ " الْإِحْيَاءِ " فِي بَيَانِ مَحَبَّةِ اللهِ
لِعِبَادِهِ وَمَحَبَّةِ عِبَادِهِ لَهُ، وَالرَّدِّ عَلَى الْمُنْكِرِينَ الْمَحْرُومِينَ، فَجَاءَ بِمَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ، وَتَسْكُنُ لَهُ النَّفْسُ، وَيَنْثَلِجُ بِهِ الصَّدْرُ. وَلِلْمُحَقِّقِ ابْنِ الْقَيِّمِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ هُوَ أَدَقُّ تَحْرِيرًا، وَأَشَدُّ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ انْطِبَاقًا، وَلِسِيرَةِ سَلَفِ الْأُمَّةِ مُوَافَقَةً. وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا الْجُزْءَ مِنَ التَّفْسِيرِ قَدْ طَالَ جِدًّا لَحَرَّرْتُ هَذَا الْمَوْضُوعَ هُنَا، وَأَتَيْتُ بِخُلَاصَةِ أَقْوَالِ النُّفَاةِ الْمُعْتَرِضِينَ، وَصَفْوَةِ أَقْوَالِ الْمُثْبِتِينَ، وَلَكِنَّنَا نُرْجِئُ هَذَا إِلَى تَفْسِيرِ آيَةٍ أُخْرَى كَآيَةِ التَّوْبَةِ (9: 24) وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى حُبِّ اللهِ مِنْ قَبْلُ فِي تَفْسِيرٍ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) (2: 165) فَحَسْبُكَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ الْآنَ (رَاجِعْ ص55 وَمَا بَعْدَهَا ج2 ط الْهَيْئَةِ) .
(الصِّفَتَانِ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ) : الذِّلَّةُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْعِزَّةُ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَالْمَرْوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِمَا أَنَّهُمَا بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) (48: 29) وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: " أَذِلَّةٍ " جَمْعُ ذَلِيلٍ، وَأَمَّا " ذَلُولٌ " فَجَمْعُهُ ذُلُلٌ كَكُتُبٍ) وَوَجْهُ قَوْلِهِ: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) دُونَ " أَذِلَّةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ " بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُضَمِّنَ الذُّلَّ مَعْنَى الْحُنُوِّ وَالْعَطْفِ ; كَأَنَّهُ قَالَ: عَاطِفِينَ عَلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ التَّذَلُّلِ وَالتَّوَاضُعِ، وَالثَّانِي أَنَّهُمْ مَعَ شَرَفِهِمْ وَعُلُوِّ طَبَقَتِهِمْ، وَفَضْلِهِمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ خَافِضُونَ لَهُمْ أَجْنِحَتَهُمْ.
(الصِّفَةُ الْخَامِسَةُ) : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَهُوَ مِنْ أَخَصِّ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَأَصْلُ الْجِهَادِ احْتِمَالُ الْجَهْدِ وَالْمَشَقَّةِ، وَسَبِيلُ اللهِ طَرِيقُ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى مَرْضَاةِ اللهِ تَعَالَى، وَأَعْظَمُ الْجِهَادِ بَذْلُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فِي قِتَالِ أَعْدَاءِ الْحَقِّ، وَهُوَ أَكْبَرُ آيَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) (9: 47) وَضِعَافُ الْإِيمَانِ قَدْ يُجَاهِدُونَ، وَلَكِنْ فِي سَبِيلِ مَنْفَعَتِهِمْ، دُونَ سَبِيلِ اللهِ، فَإِنْ رَأَوْا ظَفْرًا وَغَنِيمَةً ثَبَتُوا، وَإِنْ رَأَوْا شِدَّةً وَخَسَارَةً انْهَزَمُوا، وَهَلِ الْمُرَادُ بِهَذَا الْجِهَادِ هُنَا قِتَالُ الْمُرْتَدِّينَ، أَمْ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي، وَلَكِنَّهُ يَتَنَاوَلُ مُقَاتِلِي الْمُرْتَدِّينَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، أَوَّلًا وَبِالْأَوْلَى.
(الصِّفَةُ السَّادِسَةُ) : كَوْنُهُمْ لَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَجُمْلَةُ هَذَا الْوَصْفِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا أَوْ مُبَيِّنَةٌ لِحَالِ الْمُجَاهِدِينَ، وَفِيهَا تَعْرِيضٌ بِالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَخَافُونَ
لَوْمَ أَوْلِيَائِهِمْ مِنَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست