responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 197
الْإِسْلَامِ، وَصَرَّحَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ آيَةَ الْمَائِدَةِ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي، كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَتَبُوكُ مُتَأَخِّرَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِأَنَّ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبَزَّارُ أَنَّ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ هَذَا رَوَاهُ عَنْهُ سِتُّونَ رَجُلًا.
" وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَقَامِ مَانِعًا مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ، لَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ، وَهُوَ أَنَّ الْوُضُوءَ ثَابِتٌ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَابِتًا قَبْلَ نُزُولِهَا فَوُرُودُهَا بِتَقْرِيرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ - أَعْنِي الْغَسْلَ مَعَ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلْآخَرِ، وَهُوَ الْمَسْحُ - لَا يُوجِبُ نَسْخَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، لَا سِيَّمَا إِذَا صَحَّ مَا قَالَهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّ قِرَاءَةَ الْجَرِّ فِي قَوْلِهِ فِي الْآيَةِ وَأَرْجُلَكُمْ مُرَادٌ بِهَا مَسَحُ الْخُفَّيْنِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَسْحُ غَيْرَ ثَابِتٍ قَبْلَ نُزُولِهَا فَلَا نَسْخَ بِالْقَطْعِ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ: إِنَّ الْأَمْرَ بِالنَّسْخِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ أَضْدَادِ الْغَسْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، لَكِنْ كَوْنُ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ مَحَلُّ نِزَاعٍ وَاخْتِلَافٍ، وَكَذَلِكَ كَوْنُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ضِدُّ الْغَسْلِ، وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ حَقِيقٌ بِأَلَّا يُعَوَّلَ عَلَيْهِ، لَا سِيَّمَا فِي إِبْطَالِ مِثْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ الَّتِي سَطَعَتْ أَنْوَارُ شُمُوسِهَا فِي سَمَاءِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ ".
" وَالْعَقَبَةُ الْكَئُودُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، نِسْبَةُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ إِجْزَاءِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِلَى جَمِيعِ الْعِتْرَةِ الْمُطَهَّرَةِ، كَمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ، وَلَكِنَّهُ يُهَوِّنُ الْخَطْبَ بِأَنَّ إِمَامَهُمْ وَسَيِّدَهُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْقَائِلِينَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَيْضًا هُوَ إِجْمَاعٌ ظَنِّيٌّ، وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ، مِنْهُمُ الْإِمَامُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ بِأَنَّهَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ. وَأَيْضًا فَالْحُجَّةُ إِجْمَاعُ جَمِيعِهِمْ، وَقَدْ تَفَرَّقُوا فِي الْبَسِيطَةِ، وَسَكَنُوا الْأَقَالِيمَ الْمُتَبَاعِدَةَ، وَتَمَذْهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَذْهَبِ أَهْلِ بَلَدِهِ، فَمَعْرِفَةُ إِجْمَاعِهِمْ فِي جَانِبِ التَّعَذُّرِ، وَأَيْضًا لَا يَخْفَى
عَلَى الْمُنْصِفِ مَا وَرَدَ عَلَى إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مِنَ الْإِيرَادَاتِ الَّتِي لَا يَكَادُ يَنْتَهِضُ مَعَهَا لِلْحُجِّيَّةِ، بَعْدَ تَسْلِيمِ إِمْكَانِهِ وَوُقُوعِهِ، وَانْتِفَاءُ حُجِّيَّةِ الْأَعَمِّ يَسْتَلْزِمُ حُجِّيَّةَ الْأَخَصِّ " انْتَهَى.
أَقُولُ: أَمَّا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الَّذِي أَشَارَ - كَمَا أَشَرْنَا - إِلَيْهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَالَ: إِنَّهُ تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي، فَهُوَ كَمَا جَاءَ فِي بَابِ جَوَازِ الْمُعَاوِنَةِ عَلَى الْوُضُوءِ مِنَ الْمَتْنِ، وَعَزَاهُ إِلَى الصَّحِيحَيْنِ: " أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، وَأَنَّهُ ذَهَبَ لِحَاجَةٍ لَهُ، وَأَنَّ مُغِيرَةَ جَعَلَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ " قَالَ فِي الشَّرْحِ: الْحَدِيثُ اتَّفَقَا عَلَيْهِ بِلَفْظِ: " كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَقَالَ لِي: يَا مُغِيرَةُ خُذِ الْإِدَاوَةَ. فَأَخَذْتُهَا ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ، وَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. انْتَهَى.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست