responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 196
إِنَّمَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ، مَعَ أَنَّ السَّفَرَ مُشْعِرٌ بِالرُّخْصَةِ
وَالتَّخْفِيفَ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ هُوَ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ ; فَإِنَّ نَزْعَهُ مِمَّا يَشُقُّ عَلَى الْمُسَافِرِ " انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ.
وَيَرُدُّ حُجَّةَ الْمُفَرِّقِينَ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ فِي التَّوْقِيتِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ وَمُوَافَقَةُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ لِمَسْحِ الْعِمَامَةِ وَلِحِكْمَةِ التَّشْرِيعِ، وَيُؤَيِّدُهَا اشْتِرَاطُ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ عَلَى طَهَارَةٍ، وَسَيَأْتِي.
وَنَقَلَ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ إِثْبَاتَ الْمَسْحِ فِي السُّنَّةِ، وَتَوَاتُرَهُ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَاتِّفَاقَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ عَلَيْهِ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنَ الْخِلَافِ فِي جَوَازِهِ مُطْلَقًا، أَوْ لِلْمُسَافِرِ دُونَ الْمُقِيمِ، وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْمَبْسُوطِ، أَنَّ مَالِكًا إِنَّمَا كَانَ يَتَوَقَّفُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مَعَ إِفْتَائِهِ بِالْجَوَازِ.
ثُمَّ قَالَ: وَذَهَبَتِ الْعِتْرَةُ جَمِيعًا، وَالْإِمَامِيَّةُ وَالْخَوَارِجُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُدَ الظَّاهِرِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَاسْتَدَلُّوا بِآيَةِ الْمَائِدَةِ، وَبُقُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ عَلَّمَهُ: " وَاغْسِلْ رِجْلَكَ " وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَسْحَ، وَقَوْلِهِ بَعْدَ غَسْلِهِمَا: " لَا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلَاةَ بِدُونِهِ " قَالُوا: وَالْأَخْبَارُ بِمَسْحِ الْخُفَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ بِالْمَائِدَةِ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْأَجْوِبَةَ، فَقَالَ مَا نَصُّهُ: أَمَّا الْآيَةُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْحَ بَعْدَهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ، وَأَمَّا حَدِيثُ: " وَاغْسِلْ رِجْلَكَ " فَغَايَةُ مَا فِيهِ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشْعِرُ بِالْقَصْرِ، وَلَوْ سُلِّمَ وُجُودُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ مُخَصَّصًا بِأَحَادِيثِ الْمَسْحِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَأَمَّا حَدِيثُ: " لَا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلَاةَ بِدُونِهِ " فَلَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ، فَكَيْفَ يَصْلُحُ لِمُعَارَضَةِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ، مَعَ أَنَّا لَمْ نَجِدْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ وَجْهٍ يُعْتَدُّ بِهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ " فَهُوَ وَعِيدٌ لِمَنْ مَسَحَ رِجْلَيْهِ، وَلَمْ يَغْسِلْهُمَا، وَلَمْ يُرِدِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَإِنْ قُلْتَ: هُوَ عَامٌ فَلَا يُقْصَرُ عَلَى السَّبَبِ، قُلْتُ: لَا نُسَلِّمُ شُمُولَهُ لِمَنْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ; فَإِنَّهُ يَدَعُ رِجْلَهُ كُلَّهَا وَلَا يَدَعُ الْعَقِبَ فَقَطْ، سَلَّمْنَا. فَأَحَادِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مُخَصِّصَةٌ لِلْمَاسِحِ مِنْ ذَلِكَ الْوَعِيدِ. وَأَمَّا دَعْوَى النَّسْخِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ أَوْ مُطْلَقَةٌ بِاعْتِبَارِ حَالَتَيْ لُبْسِ الْخُفِّ وَعَدَمِهِ، فَتَكُونُ أَحَادِيثُ الْخُفَّيْنِ مُخَصَّصَةً أَوْ مُقَيَّدَةً فَلَا نَسْخَ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ رُجْحَانُ الْقَوْلِ بِبِنَاءِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ مُطْلَقًا، وَأَمَّا مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخٌ فَلَا يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ تَصْحِيحِ تَأَخُّرِ الْآيَةِ، وَعَدَمِ وُقُوعِ الْمَسْحِ بَعْدَهَا، وَحَدِيثُ جَرِيرٍ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ، وَالْقَدْحُ فِي جَرِيرٍ بِأَنَّهُ فَارَقَ عَلِيًّا مَمْنُوعٌ ; فَإِنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ وَإِنَّمَا احْتُبِسَ عَنْهُ بَعْدَ
إِرْسَالِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ لِأَعْذَارٍ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَزِيرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ فَاسِقِ التَّأْوِيلِ فِي عَوَاصِمِهِ وَقَوَاصِمِهِ مِنْ عَشْرِ طُرُقٍ، وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ أَيْضًا مِنْ طُرُقِ أَكَابِرِ أَئِمَّةِ الْآلِ وَأَتْبَاعِهِمْ عَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ الصَّحَابَةِ قَبْلَ الْفِتْنَةِ وَبَعْدَهَا، فَالِاسْتِرْوَاحُ إِلَى الْخُلُوصِ عَنْ أَحَادِيثِ الْمَسْحِ، بِالْقَدْحِ فِي ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ بِذَلِكَ الْأَمْرِ، مِمَّا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعِتْرَةِ، وَأَتْبَاعِهِمْ، وَسَائِرِ عُلَمَاءِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست