responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 113
وَأَمَّا كَوْنُ أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ ضَارًّا فَهُوَ مِمَّا يُثْبِتُهُ الطِّبُّ الْحَدِيثُ. وَجُلُّ ضَرَرِهِ
نَاشِئٌ مِنْ أَكْلِهِ لِلْقَاذُورَاتِ، فَمِنْهُ أَنَّهُ يُوَلِّدُ الدِّيدَانَ الشَّرِيطِيَّةِ، كَالدُّودَةِ الْوَحِيدَةِ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهَا، وَسَبَبُ سَرَيَانِ ذَلِكَ إِلَيْهِ أَكْلُ الْعَذِرَةِ، وَمِنْهُ أَنَّهُ يُوَلِّدُ دُودَةً أُخْرَى يُسَمِّيهَا الْأَطِبَّاءُ الشَّعْرَةَ الْحَلَزُونِيَّةَ، وَهِيَ تَسْرِي إِلَى الْخِنْزِيرِ مِنْ أَكْلِ الْفِيرَانِ الْمَيِّتَةِ ; وَمِنْهُ أَنَّ لَحْمَهُ أَعْسَرُ اللُّحُومِ هَضْمًا لِكَثْرَةِ الشَّحْمِ فِي أَلْيَافِهِ الْعَضَلِيَّةِ، وَقَدْ تَحُولُ الْأَنْسِجَةُ الدُّهْنِيَّةُ الَّتِي فِيهِ دُونَ عَصِيرِ الْمَعِدَةِ، فَيَعْسُرُ هَضْمُ الْمَوَادِّ الزُّلَالِيَّةِ لِلْعَضَلَاتِ، فَتَتْعَبُ مَعِدَةُ آكِلِهِ، وَيَشْعُرُ بِثِقَلٍ فِي بَطْنِهِ وَاضْطِرَابٍ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَقَذَفَ هَذِهِ الْمَوَادَّ الْخَبِيثَةَ، وَإِلَّا تَهَيَّجَتِ الْأَمْعَاءُ وَأُصِيبَ بِالْإِسْهَالِ، وَلَوْلَا الْعَادَةُ الَّتِي تُسَهِّلُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ تَنَاوُلَ السُّمُومِ أَكْلًا وَشُرْبًا وَتَدْخِينًا، وَلَوْلَا مَا يُعَالِجُونَ بِهِ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ ; لِتَخْفِيفِ ضَرَرِهِ - لَمَا أَمْكَنَ النَّاسَ أَنْ يَأْكُلُوهُ، وَلَا سِيَّمَا أَهْلُ الْبِلَادِ الْحَارَّةِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ كُنْهَ الضَّرَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُفَصَّلًا بَعْضَ التَّفْصِيلِ فَلْيُرَاجِعِ الْمُجَلَّدَ السَّادِسَ مِنَ الْمَنَارِ (ص 302 - 308) .
فَإِنْ قُلْتَ: إِنْ آيَةَ الْأَنْعَامِ عَلَّلَتْ تَحْرِيمَ أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ بِكَوْنِهِ رِجْسًا، فَهَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَكْلُهُ لِلْقَذَرِ، أَمْ مَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ؟ فَاعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ " الرِّجْسِ " يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ ضَارِّ مُسْتَقْبَحٍ حِسًّا أَوْ مَعْنًى، فَيُسَمَّى النَّجَسُ رِجْسًا، وَيُسَمَّى الضَّارُّ رِجْسًا، وَمِنَ الْأَخِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ (5: 90) فَتَعْلِيلُ آيَةِ الْأَنْعَامِ يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا مَعًا، فَهِيَ مِنْ إِيجَازِ الْقُرْآنِ الَّذِي لَا يَصِلُ النَّاسُ إِلَى شَرْحِهِ وَتَفْصِيلِهِ، إِلَّا بِاتِّسَاعِ دَائِرَةِ عُلُومِهِمْ وَتَجَارِبِهِمْ.
(الرَّابِعُ: مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) وَهَذَا هُوَ الَّذِي حُرِّمَ لِسَبَبٍ دِينِيٍّ مَحْضٍ، لَا لِأَجْلِ الصِّحَّةِ وَالنَّظَافَةِ كَالثَّلَاثَةِ الْمَاضِيَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا ذُبِحَ أَوْ نُحِرَ عَلَى ذِكْرِ غَيْرِ اللهِ - تَعَالَى - مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي يُعَظِّمُهَا النَّاسُ تَعْظِيمًا دِينِيًّا، وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهَا بِالذَّبَائِحِ.
وَالْإِهْلَالُ: رَفْعُ الصَّوْتِ ; يُقَالُ أَهَلَّ فُلَانٌ بِالْحَجِّ: إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ لَهُ، وَمِنْهُ اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ: إِذَا صَرَخَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَكَانُوا يَذْبَحُونَ لِأَصْنَامِهِمْ، فَيَرْفَعُونَ صَوْتَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: بِاسْمِ اللَّاتِ أَوْ بِاسْمِ الْعُزَّى، وَحِكْمَةُ تَحْرِيمِ أَكْلِ هَذَا أَنَّهُ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ تَعَالَى، فَالْأَكْلُ مِنْهُ مُشَارَكَةٌ لِأَهْلِهِ فِيهِ وَمُشَايَعَةٌ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّا يَجِبُ إِنْكَارُهُ لَا إِقْرَارُهُ، وَرَفْعُ الصَّوْتِ لَيْسَ هُوَ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ وَلَا شَرْطًا لَهُ، بَلْ هُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، وَإِنَّمَا سَبَبُ التَّحْرِيمِ
مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ تَعَالَى، وَيَدْخُلُ فِيمَا أُهِّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ مَا ذُكِرَ عِنْدَ ذَبْحِهِ اسْمُ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ وَلِيٍّ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ، كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَجَهَلَةُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا سَنَنَ مَنْ قَبْلَهُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ.
(الْخَامِسُ: الْمُنْخَنِقَةُ) قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: " خَنَقَهُ خَنِقًا (كَكَتِفٍ) وَخَنْقًا فَهُوَ خَنِقٌ أَيْضًا (أَيْ: كَكَتِفٍ) وَخَنْقٌ وَمَخْنُوقٌ، كَخَنَقَهُ فَاخْتَنَقَ، وَانْخَنَقَتِ الشَّاةُ بِنَفْسِهَا "

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست