responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 276
وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْقُولٌ وَلَا يُنَافِي مَا قُلْنَاهُ فَإِنَّ عِقَابَ قَتْلِ الْخَطَأِ لَيْسَ هُوَ عِقَابُ قَتْلِ الْعَمْدِ، وَهُوَ " النَّفْسُ بِالنَّفْسِ "، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلَا يُؤَاخِذُنَا بِمَا نَفْعَلُهُ مُخَالِفًا لِأَمْرِهِ إِذَا نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا فَيُرْجَى أَنْ يَسْتَجِيبَ اللهُ دُعَاءَنَا.
أَقُولُ: وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَرَدَ هَكَذَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ، وَلَا يُعْرَفُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ بِلَفْظِ: وَضَعَ
اللهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثًا: الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَالْأَمْرُ يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ وَقَدْ وَثَّقُوا رُوَاتَهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
ثُمَّ بَيَّنَ - تَعَالَى - حُكْمَ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ تَعَمُّدًا بِمَا يُوَافِقُ مَفْهُومَ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقَعَ مِنْ مُؤْمِنٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ كَفَّارَةً بَلْ جَعَلَ عِقَابَهُ أَشَدَّ عِقَابٍ تَوَعَّدَ بِهِ الْكَافِرِينَ فَقَالَ: وَمِنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمَّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا، قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: هَذَا فَرْعٌ عَنْ كَوْنِ الْقَتْلِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ مَعَ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّهُ يُنَافِي الْإِيمَانَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ الْآيَةُ آخَرُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي عِقَابِ الْقَتْلِ، وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: إِنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونُ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (4: 48) ، نَزَلَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَهَذِهِ الْآيَةُ مُخَصَّصَةٌ لَهُ وَقَدْ قُلْنَا مِنْ قَبْلُ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: لِمَنْ يَشَاءُ، فِيهِ مَعَ تَغْلِيظِ أَمْرِ الشِّرْكِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى، فَلَوْ شَاءَ أَنْ يُخَصِّصَ أَحَدًا بِالْمَغْفِرَةِ فَلَا مَرَدَّ لِمَشِيئَتِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ هَذِهِ الْمَشِيئَةِ مَنْ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمَّدًا، فَآيَةُ: وَيَغْفِرُ مَا دُونُ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ، نَزَلَتْ تَرْغِيبًا لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ آذَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِيمَانِ، وَهُمُ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ (8: 38) ، وَقَدْ نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ لَا تَوْبَةَ لَهُ وَقَالُوا: إِنَّ آيَةَ الْفَرْقَانِ نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ، وَالتَّوْبَةُ فِيهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِعِدَّةِ أَعْمَالٍ مِنْهَا الْقَتْلُ وَمِنْهَا الشِّرْكُ، أَقُولُ: وَيَعْنِي بِآيَةِ الْفَرْقَانِ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ (25: 70) ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مِنْ صِفَاتِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمْ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ، وَتَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِمُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ وَالْخُلُودِ فِيهِ.
(قَالَ) : وَقَدْ يُقَالُ: كَيْفَ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ مِنَ الْمُشْرِكِ الْقَاتِلِ الزَّانِي، وَلَا تُقْبَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي ارْتَكَبَ الْقَتْلَ وَحْدَهُ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ - مِنَ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ - بِأَنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي لَمْ يُؤْمِنْ بِالشَّرِيعَةِ الَّتِي تُحَرِّمُ هَذِهِ الْأُمُورَ لَهُ شِبْهُ عُذْرٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ بِالْكُفْرِ وَمَا يَتْبَعُهُ، وَلَمْ يَكُنْ ظَهَرَ لَهُ صِدْقُ النُّبُوَّةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ، فَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ هُوَ كُفْرٌ وَضَلَالٌ تَابَ وَأَنَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
الصَّالِحَاتِ، فَهُوَ جَدِيرٌ بِالْعَفْوِ وَإِنْ كَانَ فِي إِجْرَامِهِ السَّابِقِ مُقَصِّرًا فِي النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ الْمُوقِنُ بِصِحَّةِ النُّبُوَّةِ وَتَحْرِيمِ اللهِ لِلْقَتْلِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست