responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 275
عَلَى تِلْكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقِيسُ كَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَمَا يُدْرِينَا أَنَّ هَذَا فُرِضَ قَبْلَ ذَاكَ، فَلَمْ يَخْطُرْ فِي بَالِ أَحَدٍ مِمَّنْ نَزَلَ فِي عَهْدِهِمْ أَنَّ لِلصِّيَامِ بَدَلًا عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْهُ وَهُوَ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ.
تَوْبَةً مِنَ اللهِ، أَيْ شَرَعَ اللهُ لَكُمْ مَا ذَكَرَ تَوْبَةً مِنْهُ عَلَيْكُمْ فَهُوَ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ لِتَتُوبُوا وَتَطْهُرَ نُفُوسُكُمْ مِنَ التَّهَاوُنِ وَقِلَّةِ التَّحَرِّي الَّتِي تَفْضِي إِلَى قَتْلِ الْخَطَأِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا أَيْ: عَلِيمًا بِأَحْوَالِ نُفُوسِكُمْ وَمَا يُصْلِحُهَا مِنَ التَّأْدِيبِ، حَكِيمًا فِيمَا يَشْرَعُهُ لَكُمْ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَيَهْدِيكُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْآدَابِ، فَإِذَا أَطَعْتُمُوهُ فِيهِ صَلُحَتْ نُفُوسُكُمْ وَتَزَكَّتْ وَصَارَتْ أَهْلًا لِسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
بَعْدَ هَذَا أَذْكُرُ مَا عِنْدِي فِي الْآيَةِ عَنِ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ، وَهُوَ بَيَانٌ لِرُوحِ الْهِدَايَةِ
فِيهَا لَا لِأَحْكَامِهَا وَمَدْلُولُ أَلْفَاظِهَا، فَإِنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِشَرْحِ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ فِيهِ قَالَ رَحِمَهُ اللهُ - تَعَالَى - مَا مِثَالُهُ:
هَذِهِ الْآيَةُ جَاءَتْ بَعْدَ أَنْ وَرَدَ مَا وَرَدَ فِي الْمُذَبْذَبِينَ الَّذِينَ أَذِنَ اللهُ بِقَتْلِهِمْ، إِلَّا مَنِ اسْتُثْنَى لِلتَّنَاسُبِ، وَتَتْمِيمِ أَحْكَامِ الْقَتْلِ، فَذَكَرَ هُنَا أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ أَلَّا يَقْتُلَ مُؤْمِنًا لِأَنَّ الْإِيمَانَ مَانِعٌ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) : أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِنَّمَا يَصِحُّ إِيمَانُهُ وَيَكْمُلُ إِذَا كَانَ يَشْعُرُ بِحُقُوقِ الْإِيمَانِ عَلَيْهِ، وَهِيَ حُقُوقٌ لِلَّهِ وَحُقُوقٌ لِلْعِبَادِ، وَمِنْ حُدُودِ حُقُوقِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةً لِمَا فِيهِ مِنَ الزَّجْرِ عَنِ الْقَتْلِ، فَالْمُؤْمِنُ الصَّادِقُ يَشْعُرُ بِهَذَا الْحَقِّ وَهَذِهِ الْحَيَاةِ، وَأَنَّهُ إِذَا أَخَلَّ بِحُقُوقِ الدِّمَاءِ فَقَدِ اسْتَهْزَأَ بِحَيَاةِ الْأُمَّةِ، وَمَنِ اسْتَهْزَأَ بِحَيَاةِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَحْتَرِمْ أَكْبَرَ حُقُوقِهَا، وَلَمْ يُبَالِ بِمَا يَقَعُ فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْخَطَرِ فَأَمْرُهُ مَعْلُومٌ، فَإِنَّهُ بِاعْتِدَائِهِ عَلَى مُؤْمِنٍ قَدْ هَدَمَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ قُوَّةِ الْإِيمَانِ وَحِزْبِهِ، وَذَلِكَ آيَةُ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِقُوَّةِ الْإِيمَانِ وَقِوَامِهِ، وَالْمُؤْمِنُ غَيُورٌ عَلَى الْإِيمَانِ فَلَا يَصْدُرُ مِنْهُ ذَلِكَ أَيْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَصْدُرَ عَنْهُ، أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (5: 32) .
ثُمَّ ذَكَرَ سَبَبَ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْخَطَأِ فِي الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ كَأَمْرِ الْقَتْلِ، وَهُوَ أَنَّ الْخَطَأَ فِيهِ لَا يَخْلُو مِنَ التَّهَاوُنِ وَعَدَمِ الْعِنَايَةِ بِالِاحْتِيَاطِ، وَمِثْلُ الْخَطَأِ فِي هَذَا الْأَمْرِ النِّسْيَانُ، وَلَوْلَا أَنَّ مِنْ شَأْنِهِمَا أَنْ يُعَاقِبَ اللهُ عَلَيْهِمَا لِمَا أَمَرَنَا - تَعَالَى - بِالدُّعَاءِ بِأَلَّا يُؤَاخِذَنَا عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (2: 286) ، وَلَمْ يُخْبِرْنَا أَنَّهُ رَفَعَ عَنَّا الْمُؤَاخَذَةَ عَلَيْهِمَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ آدَمَ نَسِيَ وَمَعَ ذَلِكَ سُمِّيَتْ مُخَالَفَتُهُ مَعْصِيَةً وَعُوقِبَ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست