responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 273
وَتَأْلِيفِهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمَعْطُوفَ الَّذِي لَهُ مُتَعَلِّقٌ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ، وَمَا مُتَعَلِّقَاتُهُ أَكْثَرُ عَلَى مَا مُتَعَلِّقَاتُهُ أَقَلُّ، وَهَذِهِ نُكْتَةٌ لَفْظِيَّةٌ لِتَأْخِيرِ ذِكْرِ الدِّيَةِ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ إِذْ تَعَلَّقَ بِهَا الْوَصْفُ وَهُوَ قَوْلُهُ: مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا.
ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ هُنَا فِي الدِّيَةِ " مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ "، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يُكَلَّفُ أَنْ يُوَصِّلَ الْهَدِيَّةَ إِلَى أَهْلِ الْمَقْتُولِ أَلْبَتَّةَ وَهُمْ فِي غَيْرِ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ ; إِذْ رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا حَقٌّ لَهُمْ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَحْضُرُوا لِطَلَبِهِ وَأَخْذِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ شُرُوطِ الْعَهْدِ أَنْ تُعْطَى إِلَى رُؤَسَاءِ قَوْمِ الْمَقْتُولِ وَحُكَّامِهِمُ الَّذِينَ يَتَوَلُّونَ عَقْدَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ، أَوْ إِلَى مَنْ يُنِيبُونَهُ عَنْهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَوَسَّعَ اللهُ فِي ذَلِكَ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ وَالْقُيُودِ وَنُكَتِهَا وَلَمْ أَرَ مِنْ بَيْنِهَا.
هَذَا هُوَ الَّذِي تُعْطِيهِ الْآيَةُ فِي دِيَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ - إِذَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا - وَنَاهِيكَ بِهِ عَدْلًا، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي دِيَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ وَعَمَلِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فِيهِ، فَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: عَقْلُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَفِي لَفْظٍ: " قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ "، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِيهِ مَقَالٌ مَعْرُوفٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى قَبُولِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَقْلِ الدِّيَةُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا عِنْدَ الْعَرَبِ الْإِبِلُ تُعْقَلُ فِي فِنَاءِ دَارِ أَهْلِ الْمَقْتُولِ، وَلَفْظُ الْكَافِرِ فِي الْحَدِيثِ عَامٌ يَشْمَلُ الْكِتَابِيَّ وَغَيْرَهُ، وَرِوَايَةُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ لَا تَصْلُحُ لِتَخْصِيصِهِ وَلَا لِتَقْيِيدِهِ فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ فِي نَفْسِهَا، وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ: كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَانِيَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.
قَالَ: وَكَانَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ، قَالَ: فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ - الْفِضَّةِ - اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا - أَيْ مِنَ الدَّرَاهِمِ - وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرَةِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ
الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، قَالَ: وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيَةِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: " كَانَ عُمَرُ يَجْعَلُ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَالْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ "، وَفِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ ضَعِيفٌ، وَالْمُرَادُ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَالْأَرْبَعَةُ الْآلَافٍ هِيَ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثُلْثُهَا بِحَسَبِ تَعْدِيلِ عُمَرَ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ ثُلْثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثُلْثَا عَشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَاحْتَجُّوا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست