responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 254
أَدَائِهِ، وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ لَفْظِ الْمُبْتَدِئِ بِالتَّحِيَّةِ، أَوْ مُسَاوِيَهُ فِي الْأَلْفَاظِ، أَوْ مَا هُوَ أَخْصَرُ مِنْهُ، فَمَنْ قَالَ لَكَ: أَسْعَدَ اللهُ صَبَاحَكُمْ وَمَسَاءَكُمْ، فَقُلْتَ لَهُ: أَسْعَدَ اللهُ جَمِيعَ أَوْقَاتَكُمْ كَانَتْ تَحِيَّتُكَ أَحْسَنَ مِنْ تَحِيَّتِهِ، وَمَنْ قَالَ لَكَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِصَوْتٍ خَافِتٍ يُشْعِرُ بِقِلَّةِ الْعِنَايَةِ فَقُلْتَ لَهُ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ بِصَوْتٍ أَرْفَعَ وَإِقْبَالٍ يُشْعِرُ بِالْعِنَايَةِ وَزِيَادَةِ الْإِقْبَالِ وَالتَّكْرِيمِ، كُنْتَ قَدْ حَيَّيْتَهُ بِتَحِيَّةٍ أَحْسَنَ مِنْ تَحِيَّتِهِ فِي صِفَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا فِي لَفْظِهَا، وَالنَّاسُ يُفَرِّقُونَ فِي الْقِيَامِ لِلزَّائِرِينَ بَيْنَ مَنْ يَقُومُ بِحَرَكَةٍ خَفِيفَةٍ وَهِمَّةٍ تُشْعِرُ بِزِيَادَةِ الْعِنَايَةِ وَمَنْ يَقُومُ مُتَثَاقِلًا، وَمِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ مَنْ يَشْتَرِطُونَ فِي الْعِنَايَةِ بِالْقِيَامِ إِظْهَارَ الِانْدِهَاشِ فَيَقُولُونَ: قَامَ لَهُ بِانْدِهَاشٍ، أَوْ قَامَ بِغَيْرِ انْدِهَاشٍ.
عُلِمَ مِنَ الْآيَةِ الْجَوَابُ عَنِ التَّحِيَّةِ لَهُ مَرْتَبَتَانِ: أَدْنَاهُمَا رَدُّهَا بِعِنَايَةٍ، وَأَعْلَاهُمَا الْجَوَابُ عَنْهَا بِأَحْسَنَ مِنْهَا، فَالْمُجِيبُ مُخَيَّرٌ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْأَحْسَنَ لِكِرَامِ النَّاسِ كَالْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ، وَرَدُّ عَيْنِ التَّحِيَّةِ لِمَنْ دُونَهُمْ، وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَابْنِ زَيْدٍ أَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ لِأَحْسَنَ مِنْهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَرَدَّهَا بِعَيْنِهَا لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَقِيلَ لِلْكُفَّارِ عَامَّةً، وَلَا دَلِيلَ عَلَى هَذِهِ التَّفْرِقَةِ مِنْ لَفْظِ الْآيَةِ وَلَا مِنَ السُّنَّةِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِ اللهِ فَارْدُدْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: فَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا، أَقُولُ: وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سِيَاقِ أَحْكَامِ الْحَرْبِ وَمُعَامَلَةِ الْمُحَارِبِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَمَنْ قَالَ لِخَصْمِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَدْ أَمَّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقْصِدُ هَذَا الْمَعْنَى، وَالْوَفَاءُ مِنْ أَخْلَاقِهِمُ الرَّاسِخَةِ ; وَلِذَلِكَ عَدَّ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ ذِكْرَ التَّحِيَّةِ مُنَاسِبًا لِلسِّيَاقِ بِكَوْنِهَا مِنْ وَسَائِلِ السَّلَامِ،
وَلَمَّا صَارَ لَفْظُ السَّلَامِ تَحِيَّةَ الْمُسْلِمِينَ صَارَتِ التَّحِيَّةُ بِهِ عُنْوَانًا عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا (4: 94) .
وَمِمَّا يَنْبَغِي بَيَانُهُ هُنَا أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ يَكْرَهُونَ أَنْ يُحَيِّيَهُمْ غَيْرُهُمْ بِلَفْظِ السَّلَامِ، وَيَرَوْنَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي رَدُّ السَّلَامِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِ، أَيْ: يَرَوْنَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَأَدَّبَ بِشَيْءٍ مِنْ آدَابِ الْإِسْلَامِ، وَفَاتَهُمْ أَنَّ الْآدَابَ الْإِسْلَامِيَّةَ إِذَا سَرَتْ فِي قَوْمٍ يَأْلَفُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْرِفُونَ فَضْلَ دِينِهِمْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَجْذَبُ لَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَمِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ أَنَّهُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَآيَةِ النُّورِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا (24: 27) ، هَلِ السَّلَامُ فِيهِمَا عَلَى إِطْلَاقِهِ وَعُمُومِهِ فَيَشْمَلُ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرَهُمْ أَمْ هُوَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِينَ؟ فَأَجَبْتُ فِي الْمُجَلَّدِ الْخَامِسِ مِنَ الْمَنَارِ (ص 583 - 685) بِمَا نَصَّهُ:
(ج) إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينٌ عَامٌّ وَمِنْ مَقَاصِدِهِ نَشْرُ آدَابِهِ وَفَضَائِلِهِ فِي النَّاسِ وَلَوْ بِالتَّدْرِيجِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست